للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ وَلَهُمْ ثَلاَثَةُ آرَاءٍ:

الرَّأْيُ الأَْوَّل: يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ، كَمَا لَوْ تَرَكَ غَيْرَهُ مِنَ الْوَاجِبَاتِ، إِذْ أَنَّهُ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّيْل وَالنَّهَارِ، وَالأَْصْل فِي تَرْكِ النُّسُكِ إِيجَابُ الدَّمِ إِلاَّ مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ.

الرَّأْيُ الثَّانِي: يَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُرِيقَ دَمًا اسْتِحْبَابًا خُرُوجًا مِنْ خِلاَفِ مَنْ أَوْجَبَهُ.

الرَّأْيُ الثَّالِثُ: يَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ قَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، لأَِنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ سَاعَةً بَعْدَ الْغُرُوبِ رُكْنٌ لاَ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ. (١)

٩ - الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا جَاوَزَ عَرَفَةَ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا قَبْل غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ:

فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ إِذَا عَادَ إِلَى عَرَفَةَ قَبْل الْغُرُوبِ فَلاَ دَمَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ اللَّيْل وَالنَّهَارِ، غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ


(١) بدائع الصنائع ٢ / ١٢٧، وحاشية ابن عابدين ٢ / ١٧٦، وحاشية الدسوقي ٢ / ٣٦، وعقد الجواهر الثمينة ١ / ٤٠٦، والمدونة ١ / ٤١٣، ومغني المحتاج ١ / ٤٩٨، ٤٩٩، ونهاية المحتاج ٢ / ٤٢٢، والمغني ٣ / ٣٧١، والفروع ٣ / ٥١٠، وكشاف القناع ٢ / ٤٩٥.