بَل هِيَ بَدَل النَّفْسِ الَّتِي فَاتَتْ بِالْجِنَايَةِ. وَنَفْسُ الْفِعْل الْمُحَرَّمِ - وَهُوَ جِنَايَةُ الْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ - لاَ كَفَّارَةَ فِيهِ. وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ: بِأَنَّهُ إِِذَا جَنَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ دُونَ أَنْ يُتْلِفَ شَيْئًا فَإِِنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ، وَلاَ كَفَّارَةَ فِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ. بِخِلاَفِ مَا لَوْ أَتْلَفَ بِلاَ جِنَايَةٍ مُحَرَّمَةٍ، فَإِِنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِلاَ تَعْزِيرٍ. وَإِِنَّ الْكَفَّارَةَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُجَامِعِ فِي الصِّيَامِ وَالإِِْحْرَامِ (١) .
التَّعْزِيرُ حَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِلْعَبْدِ:
١٠ - يَنْقَسِمُ التَّعْزِيرُ إِِلَى مَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ، وَمَا هُوَ حَقٌّ لِلْعَبْدِ. وَالْمُرَادُ بِالأَْوَّل غَالِبًا: مَا تَعَلَّقَ بِهِ نَفْعُ الْعَامَّةِ، وَمَا يَنْدَفِعُ بِهِ ضَرَرٌ عَامٌّ عَنِ النَّاسِ، مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِأَحَدٍ. وَالتَّعْزِيرُ هُنَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ؛ لأَِنَّ إِخْلاَءَ الْبِلاَدِ مِنَ الْفَسَادِ وَاجِبٌ مَشْرُوعٌ، وَفِيهِ دَفْعٌ لِلضَّرَرِ عَنِ الأُْمَّةِ، وَتَحْقِيقُ نَفْعٍ عَامٍّ. وَيُرَادُ بِالثَّانِي: مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ مَصْلَحَةٌ خَاصَّةٌ لأَِحَدِ الأَْفْرَادِ.
وَقَدْ يَكُونُ التَّعْزِيرُ خَالِصَ حَقِّ اللَّهِ، كَتَعْزِيرِ تَارِكِ الصَّلاَةِ، وَالْمُفْطِرِ عَمْدًا فِي رَمَضَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَمَنْ يَحْضُرُ مَجْلِسَ الشَّرَابِ.
وَقَدْ يَكُونُ لِحَقِّ اللَّهِ وَلِلْفَرْدِ، مَعَ غَلَبَةِ حَقِّ اللَّهِ، كَنَحْوِ تَقْبِيل زَوْجَةِ آخَرَ وَعِنَاقِهَا.
(١) كشاف القناع ٤ / ٧٢ - ٧٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute