الثَّمَرَةِ صَحَّ، وَكَانَ السُّدُسُ حِصَّتَهُ مِنَ الْمُسَاقَاةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَال: سَاقَيْتُكَ عَلَى نَصِيبِي بِالثُّلُثِ وَإِنْ جَعَل الثَّمَرَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ جَعَل لِلْعَامِل الثُّلُثَ فَهِيَ مُسَاقَاةٌ فَاسِدَةٌ؛ لأَِنَّ الْعَامِل يَسْتَحِقُّ نِصْفَهَا بِمِلْكِهِ فَلَمْ يَجْعَل لَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ شَيْئًا، وَإِذَا شَرَطَ لَهُ الثُّلُثَ فَقَدْ شَرَطَ أَنَّ غَيْرَ الْعَامِل يَأْخُذُ مِنْ نَصِيبِ الْعَامِل ثُلُثَهُ، وَيَسْتَعْمِلُهُ بِلاَ عِوَضٍ فَلاَ يَصِحُّ، فَإِذَا عَمِل فِي الشَّجَرِ بِنَاءً عَلَى هَذَا كَانَتِ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَلاَ يَسْتَحِقُّ الْعَامِل بِعَمَلِهِ شَيْئًا، لأَِنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ لِرِضَاهُ بِالْعَمَل بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَال لَهُ: أَنَا أَعْمَل فِيهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، لأَِنَّهُ عَمِل فِي مَال غَيْرِهِ مُتَبَرِّعًا فَلَمْ يَسْتَحِقَّ عِوَضًا كَمَا لَوْ لَمْ يَعْقِدِ الْمُسَاقَاةَ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْل، لأَِنَّ الْمُسَاقَاةَ تَقْتَضِي عِوَضًا فَلَمْ تَسْقُطْ بِرِضَاهُ بِإِسْقَاطِهِ كَالنِّكَاحِ إِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ الْمُسَمَّى يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْل (١) .
أَحْكَامُ الْمُسَاقَاةِ الْفَاسِدَةِ
٤٣ - إِذَا وَقَعَتِ الْمُسَاقَاةُ فَاسِدَةً، وَاطَّلَعَ عَلَى الْفَسَادِ وَقَبِل الشُّرُوعَ فِي الْعَمَل وَجَبَ فَسْخُهَا هَدَرًا بِلاَ شَيْءٍ يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ أَوِ الْعَامِل،
(١) الشرح الكبير مع المغني ٥ / ٥٨٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute