لِغَلَبَةِ الْجَهْل عَلَى النَّاسِ، لاَ يُمْكِنُ إِلْزَامُهُمْ بِالتَّخَلُّصِ بِأَحَدِ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَعْضِ أَفْرَادِ النَّاسِ لاَ يُمْكِنُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَامَّتِهِمْ، وَفِي نَزْعِهِمْ عَنْ عَادَتِهِمْ حَرَجٌ - كَمَا عَلِمْتَ - وَيَلْزَمُ تَحْرِيمُ أَكْل الثِّمَارِ فِي هَذِهِ الْبُلْدَانِ، إِذْ لاَ تُبَاعُ إِلاَّ كَذَلِكَ.
وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا رَخَّصَ فِي السَّلَمِ لِلضَّرُورَةِ، مَعَ أَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ، فَحَيْثُ تَحَقَّقَتِ الضَّرُورَةُ هُنَا أَيْضًا، أَمْكَنَ إِلْحَاقُهُ بِالسَّلَمِ بِطَرِيقِ الدِّلاَلَةِ، فَلَمْ يَكُنْ مُصَادِمًا لِلنَّصِّ، فَلِهَذَا جَعَلُوهُ مِنَ الاِسْتِحْسَانِ؛ لأَِنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُ الْجَوَازِ. وَظَاهِرُ كَلاَمِ الْفَتْحِ الْمَيْل إِلَى الْجَوَازِ، وَلِذَا أَوْرَدَ لَهُ الرِّوَايَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ، بَل إِنَّ الْحُلْوَانِيَّ رَوَاهُ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَمَا ضَاقَ الأَْمْرُ إِلاَّ اتَّسَعَ، وَلاَ يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُسَوِّغٌ لِلْعُدُول عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. (١)
٨٧ - وَالْمَالِكِيَّةُ، الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ، قَسَّمُوا هَذِهِ الْمُتَلاَحِقَاتِ، وَهِيَ ذَاتُ الْبُطُونِ، إِلَى قِسْمَيْنِ:
- مَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ.
- وَمَا لاَ تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ.
وَالَّذِي لاَ تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ قِسْمَانِ: مَا لَهُ آخِرٌ، وَمَا لاَ آخِرَ لَهُ.
وَفِيمَا يَلِي أَحْكَامُهَا:
أَوَّلاً: مَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ، وَهُوَ الْمُنْفَصِل غَيْرُ الْمُتَتَابِعِ. وَذَلِكَ فِي الشَّجَرِ الَّذِي يُطْعِمُ فِي السَّنَةِ بَطْنَيْنِ مُتَمَيِّزَيْنِ. فَهَذَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الْبَطْنُ
(١) انظر فتح القدير ٥ / ٤٩٢، ورد المحتار ٤ / ٣٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute