تَرَاجُعِ الْخِلاَفَةِ عَنْ ذَلِكَ الْمَنْهَجِ، وَانْكَسَرَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ شَوْكَةُ الْمُعْتَزِلَةِ.
٢٩ - وَلَيْسَ لِلْعَالِمِ أَنْ يَنْطِقَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَهُوَ يَعْلَمُ، وَلاَ رُخْصَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى سَبِيل التَّقِيَّةِ مُطْلَقًا، إِنْ كَانَ السُّكُوتُ كَافِيًا لِنَجَاتِهِ، لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِ جَوَازِ التَّقِيَّةِ حِينَئِذٍ.
وَفِي ذَلِكَ مِنَ الْمَحْذُورِ أَيْضًا الْخَوْفُ مِنْ أَنْ يَخْفَى الْحَقُّ عَلَى الْجَاهِلِينَ أَوْ يَضْعُفَ إِيمَانُهُمْ وَيَحْجُمُوا عَنْ نَصْرِ حَقِّهِمُ اقْتِدَاءً بِمَنْ أَجَابَ تَقِيَّةً فَيَظُنُّوا جَوَابَهُ هُوَ الْجَوَابُ، وَهُمْ غَافِلُونَ عَنْ مُرَادِهِ وَأَنَّهُ قَصَدَ التَّقِيَّةَ.
مَا يَنْبَغِي لِلآْخِذِ بِالتَّقِيَّةِ أَنْ يُرَاعِيَهُ:
يَنْبَغِي لِمَنْ يَأْخُذُ بِالتَّقِيَّةِ أَنْ يُلاَحِظَ أُمُورًا:
٣٠ - مِنْهَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مُخَلِّصٌ غَيْرُ ارْتِكَابِ الْحَرَامِ، فَيَجِبُ أَنْ يَلْجَأَ إِلَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُوَرِّيَ، كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَتْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَرَّمَ وَشَرَّفَ، فَيَنْوِيَ مُحَمَّدًا آخَرَ فَإِنْ خَطَرَتْ بِبَالِهِ التَّوْرِيَةُ وَتَرَكَهَا لَمْ تَكُنِ التَّقِيَّةُ عُذْرًا لَهُ، وَيُعْتَبَرُ كَافِرًا (١) .
٣١ - وَمِنْهَا: أَنْ يُلاَحِظَ عَدَمَ الاِنْسِيَاقِ مَعَ الرُّخْصَةِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَدِّ التَّقِيَّةِ إِلَى حَدِّ الاِنْحِلاَل بِارْتِكَابِ الْمُحَرَّمِ بَعْدَ انْقِضَاءِ
(١) المبسوط للسرخسي ٢٤ / ١٣٠، ١٣١، وينظر الدسوقي على الشرح الكبير ٢ / ٣٦٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute