لاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مَنْ كَانَ الْمَال الضَّائِعُ فِي يَدِهِ، وَدَل صَاحِبَهُ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ شَرْعًا فَلاَ يَأْخُذُ عَلَيْهِ عِوَضًا، وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لَوْ جَعَل جُعْلاً لِمَنْ أَخْبَرَهُ بِأَمْرٍ مِنَ الأُْمُورِ كَدَوَاءٍ يَنْفَعُهُ مَثَلاً فَأَخْبَرَهُ شَخْصٌ بِهِ فَإِنَّهُ لاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؛ لأَِنَّ مِثْل هَذَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى عَمَلٍ، أَمَّا إِنْ تَعِبَ الْمُخْبِرُ وَصَدَقَ فِي إِخْبَارِهِ، وَكَانَ لِلْجَاعِل الْمُسْتَخْبِرُ غَرَضٌ وَمَنْفَعَةٌ فِي الأَْمْرِ الْمَطْلُوبِ الإِْخْبَارُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْل.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُشْتَرَطُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ الدَّال أَوِ الْمُخْبِرُ مَكَانَ الْمَال الضَّائِعِ، أَوِ الأَْمْرِ الْمَطْلُوبِ الإِْخْبَارُ عَنْهُ قَبْل إِعْلاَنِ الْجَاعِل أَوْ تَعَاقُدِهِ مَعَهُ فَيَسْتَحِقُّ الْجُعْل إِنْ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَ التَّعَاقُدِ، سَوَاءٌ أَكَانَ هُنَاكَ تَعَبٌ أَوْ مَشَقَّةٌ فِي سَبِيل عِلْمِهِ بِذَلِكَ أَمْ لاَ، كَأَنْ عَلِمَ بِهِ بِطَرِيقِ الْمُصَادَفَةِ، وَلاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إِنْ عَلِمَ قَبْل التَّعَاقُدِ (١) .
الْفَرَاغُ مِنَ الْعَمَل وَالتَّسْلِيمُ لِلْجَاعِل:
٣٩ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ الْقَائِلُونَ بِالْجِعَالَةِ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لاِسْتِحْقَاقِ الْعَامِل الْجُعْل الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ أَنْ يُتِمَّ الْعَمَل الْمُجَاعَل عَلَيْهِ، وَيَفْرُغَ مِنْهُ وَيُسَلِّمَهُ لِلْجَاعِل فَلاَ يَسْتَحِقُّ الْعَامِل شَيْئًا إِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ ذَلِكَ، فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الآْبِقُ أَوِ الدَّابَّةُ
(١) أسنى المطالب ٢ / ٤٤٠، ٤٤١، ونهاية المحتاج ٤ / ٣٤٤، والحطاب ٥ / ٤٥٥، ومنح الجليل ٤ / ١٠، وحاشية العدوي على الخرشي ٧ / ٧١، وكشاف القناع ٢ / ٤١٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute