أَمَّا إِنْ كَانَ الإِْيقَادُ بِطَرِيقَةٍ مِنْ شَأْنِهَا انْتِقَال النَّارِ إِلَى مِلْكِ الْغَيْرِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ النَّارُ، وَذَلِكَ كَأَنْ كَانَ الإِْيقَادُ وَالرِّيحُ عَاصِفَةٌ، أَوْ وَضَعَ مَادَّةً مِنْ شَأْنِهَا انْتِشَارُ النَّارِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ.
وَعَدَمُ الضَّمَانِ فِي الْحَالَةِ الأُْولَى مَرْجِعُهُ إِلَى قِيَاسِهَا عَلَى سِرَايَةِ الْجَرْحِ فِي قِصَاصِ الأَْطْرَافِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسَبَبِ التَّقْصِيرِ. فَإِنْ أَوْقَدَ نَارًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ أَوْ مَا لاَ يَمْلِكُ الاِنْتِفَاعَ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ النَّارُ؛ لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ (١) .
مِلْكِيَّةُ الْمَغْصُوبِ الْمُتَغَيِّرِ بِالإِْحْرَاقِ:
٢٥ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ أَحْمَدَ، إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَغَيَّرَتِ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ بِفِعْل الْغَاصِبِ حَتَّى زَال اسْمُهَا وَأَعْظَمُ مَنَافِعِهَا زَال مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْهَا، وَمَلَكَهَا الْغَاصِبُ وَضَمِنَهَا. وَلاَ يَحِل لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهَا، كَمَنْ غَصَبَ شَاةً وَذَبَحَهَا وَشَوَاهَا أَوْ طَبَخَهَا، أَوْ حَدِيدًا فَاتَّخَذَهُ سَيْفًا، أَوْ نُحَاسًا فَعَمِلَهُ آنِيَةً. وَسَبَبُ انْتِقَال الْمِلْكِيَّةِ أَنَّ الْغَاصِبَ أَحْدَثَ صَنْعَةً مُتَقَوَّمَةً؛ لأَِنَّ قِيمَةَ الشَّاةِ تَزْدَادُ بِطَبْخِهَا أَوْ شَيِّهَا، وَبِهَذَا يُعْتَبَرُ حَقُّ الْمَالِكِ هَالِكًا مِنْ وَجْهٍ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ تَبَدَّل الاِسْمُ وَفَاتَ مُعْظَمُ الْمَقَاصِدِ. وَحَقُّ الْغَاصِبِ فِي الصَّنْعَةِ قَائِمٌ مِنْ كُل وَجْهٍ، وَمَا هُوَ قَائِمٌ
(١) حاشية ابن عابدين ٥ / ٢٢٧، ٤٤٨ و ٦ / ٢١٤، ٤٤٦ والفتاوى الهندية ٣ / ٤٥٩، وشرح الخرشي ٨ / ١١١، ١١٢، ومواهب الجليل للحطاب ٦ / ٣٢١، وكشاف القناع ٢ / ٣٦٧، والمهذب ٢ / ١٥٢، ونهاية المحتاج ٥ / ١٥٢، ٣٣٣، ٣٣٤ وروضة الطالبين ٥ / ٢٨٥، والمغني لابن قدامة ٥ / ٤٥٣، ٦ / ١٨٣، وبلغة السالك لأقرب المسالك ٢ / ١٧٦
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute