الشُّفْعَةِ عَلَى الْفَوْرِ ضَرُورَةً، وَأَنَّهَا تَبْطُل بِحَقِيقَةِ السُّكُوتِ مُخْتَارًا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ؛ لأَِنَّهُ دَلِيل الإِْعْرَاضِ عَنْ طَلَبِهَا، فَكَذَا تَبْطُل بِالسُّكُوتِ حُكْمًا.
أَمَّا بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ، وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالإِْشْهَادِ، فَإِنَّ التَّسْلِيمَ بِطَرِيقِ الْهَزْل بَاطِلٌ، وَالشُّفْعَةُ بَاقِيَةٌ لأَِنَّ التَّسْلِيمَ مِنْ جِنْسِ مَا يَبْطُل بِخِيَارِ الشَّرْطِ، حَتَّى لَوْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ، عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ بَطَل التَّسْلِيمُ، وَبَقِيَتِ الشُّفْعَةُ؛ لأَِنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ فِي مَعْنَى التِّجَارَةِ؛ لأَِنَّهُ اسْتِبْقَاءُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى مِلْكِهِ، وَلِهَذَا يَمْلِكُ الأَْبُ وَالْوَصِيُّ تَسْلِيمَ شُفْعَةِ الصَّبِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، كَمَا يَمْلِكَانِ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لَهُ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَا بِالْحُكْمِ، وَالْخِيَارُ يَمْنَعُ الرِّضَا بِهِ، فَيَبْطُل التَّسْلِيمُ، فَكَذَا الْهَزْل يَمْنَعُ الرِّضَا بِالْحُكْمِ، فَيَبْطُل بِهِ التَّسْلِيمُ، كَمَا يَبْطُل بِخِيَارِ الشَّرْطِ، وَتَبْقَى الشُّفْعَةُ (١) .
هـ - إِبْرَاءُ الْغَرِيمِ هَزْلاً:
٤٠ - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ إِبْرَاءَ الْغَرِيمِ مِنَ الدَّيْنِ مِثْل تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ، فَقَالُوا: يَبْطُل إِبْرَاءُ الْغَرِيمِ مِنْ دَيْنِهِ هَزْلاً، فَلَوْ أَبْرَأَهُ هَازِلاً، لاَ
(١) الْمَبْسُوط ٢٤ / ٦٦، وكشف الأَْسْرَار ٤ / ١٤٨٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute