الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ: أَنْ يُطْلِقَ الْفُضُولِيُّ بِقَوْلِهِ لِلْمُدَّعِي: أُصَالِحُكَ عَنْ دَعْوَاكَ هَذِهِ مَعَ فُلاَنٍ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلاَ يَكُونُ ضَامِنًا، وَلاَ مُضِيفًا إِلَى مَالِهِ وَلاَ مُشِيرًا إِلَى شَيْءٍ، ثُمَّ لاَ يُسَلِّمُ بَدَل الصُّلْحِ، فَصُلْحُهُ هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْمُصَالِحَ هَاهُنَا - وَهُوَ الْفُضُولِيُّ - لاَ وِلاَيَةَ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلاَ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ عَلَيْهِ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَتِهِ.
وَعَلَى ذَلِكَ: فَإِنْ أَجَازَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صُلْحَهُ صَحَّ؛ لأَِنَّ إِجَازَتَهُ اللاَّحِقَةَ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ التَّوْكِيل، وَيَلْزَمُ بَدَل الصُّلْحِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دُونَ الْمُصَالِحِ؛ لأَِنَّهُ الْتَزَمَ هَذَا الْبَدَل بِاخْتِيَارِهِ، وَيَخْرُجُ الأَْجْنَبِيُّ الْفُضُولِيُّ مِنْ بَيْنَهُمَا، وَلاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَإِنْ لَمْ يُجِزِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الصُّلْحَ فَإِنَّهُ يَبْطُل؛ لأَِنَّهُ لاَ يَجِبُ الْمَال عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى بِهِ لاَ يَسْقُطُ.
وَلاَ فَرْقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَدَل الصُّلْحِ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا؛ لأَِنَّ الْمُصَالِحَ الْفُضُولِيَّ لَمْ يُضِفْ بَدَل الصُّلْحِ لِنَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ فَلاَ يَلْزَمُهُ الْبَدَل الْمَذْكُورُ (١)
(١) انظر تحفة الفقهاء ٣ / ٤٣٤، البحر الرائق ٧ / ٢٥٩ مجمع الأنهر ٢ / ٣١٤، تبيين الحقائق ٥ / ٤٠، رد المحتار (بولاق ١٢٧٢ هـ) ٤ / ٤٧٧، الفتاوى الخانية ٣ / ٨٣، وما بعدها، وانظر م (١٥٤٤) من مجلة الأحكام العدلية، ودرر الحكام لعلي حيدر ٤ / ١٩ - ٢٢، شرح المجلة للأتاسي ٤ / ٥٤٣، بدائع الصنائع ٦ / ٥٢، الفتاوى البزازية ٦ / ٣٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute