آثَارُ الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ
٥٣ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى فَسَادِ الْمُضَارَبَةِ:
أ - أَنَّ الرِّبْحَ - إِِنْ حَدَثَ - يَكُونُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَال، لأَِنَّ الرِّبْحَ نَمَاءُ مَالِهِ، وَإِِِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ شَطْرًا مِنْهُ بِالشَّرْطِ، وَلَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ لأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ إِِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الشَّرْطُ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُضَارِبُ مِنَ الرِّبْحِ شَيْئًا، وَكَانَ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَال.
ب - أَنَّ الْمُضَارِبَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ - خَسِرَ الْمَال أَوْ رَبِحَ - لأَِنَّ عَمَلَهُ إِِنَّمَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُسَمَّى، فَإِِِذَا لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ وَجَبَ رَدُّ عَمَلِهِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ، فَوَجَبَ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْل، وَلأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ الْفَاسِدَةَ فِي مَعْنَى الإِِِْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَالأَْجِيرُ لاَ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى فِي الإِِِْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَإِِِنَّمَا يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْل (١) .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يَكُونُ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْل عَمَلِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، رَبِحَ الْمَال أَوْ لاَ، بِلاَ زِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوطِ خِلاَفًا لِمُحَمَّدِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَال إِِذَا لَمْ يَرْبَحْ لاَ أَجْرَ لِلْمُضَارِبِ، وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِِنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ لِئَلاَّ تَرْبُوَ الْمُضَارَبَةُ الْفَاسِدَةُ عَلَى الصَّحِيحَةِ، ثُمَّ قَال: الْخِلاَفُ فِيمَا إِِذَا رَبِحَ، وَأَمَّا إِِذَا لَمْ يَرْبَحْ
(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٠٨، وروضة الطالبين ٥ / ١٢٥، وكشاف القناع ٣ / ٥١١ - ٥١٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute