للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النِّكَاحُ وَالْعِبَادَةُ:

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَوْنِ النِّكَاحِ عِبَادَةً، وَفِي كَوْنِهِ أَفْضَل مِنَ النَّوَافِل، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:

أ - كَوْنُ النِّكَاحِ عِبَادَةً:

١٣ - قَال الْحَنَفِيَّةُ: النِّكَاحُ أَقْرَبُ إِلَى الْعِبَادَاتِ.

وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ فِي النِّكَاحِ هَل هُوَ عِبَادَةٌ أَمْ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ: فَصَرَّحَ جَمْعٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ بِدَلِيل صِحَّتِهِ مِنَ الْكَافِرِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ أَنَّ هَذَا الْفَهْمَ مَرْدُودٌ وَأَنَّهُ عِبَادَةٌ، بِدَلِيل أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ (١) وَالْعِبَادَةُ تُتَلَقَّى مِنَ الشَّرْعِ، وَصِحَّةُ النِّكَاحِ مِنَ الْكَافِرِ - مَعَ أَنَّهُ عِبَادَةٌ، وَعِبَادَةُ الْكَافِرِ لاَ تَصِحُّ - لِمَا فِيهِ مِنْ عِمَارَةِ الدُّنْيَا كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ وَالْعِتْقِ، فَإِنَّ هَذِهِ تَصِحُّ مِنَ الْمُسْلِمِ وَهِيَ مِنْهُ عِبَادَةٌ، وَتَصِحُّ مِنَ الْكَافِرِ وَلَيْسَتْ مِنْهُ عِبَادَةٌ، وَأَفْتَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالنَّوَوِيُّ بِأَنَّ مَنْ قَصَدَ بِالنِّكَاحِ طَاعَةً مِنْ وَلَدٍ صَالِحٍ أَوْ إِعْفَافٍ كَانَ مِنْ عَمَل الآْخِرَةِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ، وَإِلاَّ كَانَ مُبَاحًا.

وَمَحَل اخْتِلاَفِهِمْ فِي غَيْرِ نِكَاحِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا


(١) أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنكاح دل عليه حديث: " تزوجوا الودود. . . " وحديث: " يا معشر الشباب من استطاع. . " وقد سبق تخريجهما في فقرة (٧) .