كَنَوْتُ الشَّيْءَ وَكَنَّيْتُهُ أَيْ سَتَرْتُهُ، وَفِي الاِصْطِلاَحِ: كَلاَمٌ اسْتَتَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ بِالاِسْتِعْمَال، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ ظَاهِرًا فِي اللُّغَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْحَقِيقَةَ أَمِ الْمَجَازَ. فَيَكُونُ تَرَدُّدٌ فِيمَا أُرِيدَ بِهِ، فَلاَ بُدَّ مِنَ النِّيَّةِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ دَلاَلَةِ الْحَال، كَحَال مُذَاكَرَةِ الطَّلاَقِ مَثَلاً فِي كِنَايَاتِ الطَّلاَقِ لِيَزُول التَّرَدُّدُ وَيَتَعَيَّنَ مَا أُرِيدَ مِنْهُ. (١) فَبَيْنَ الْمَجَازِ وَالْحَقِيقَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ.
أَقْسَامُ الْحَقِيقَةِ:
٥ - الْحَقِيقَةُ لاَ بُدَّ لَهَا مِنْ وَضْعٍ: وَالْوَضْعُ يَأْتِي مِنَ الْوَاضِعِ، فَمَتَى تَعَيَّنَ نُسِبَتْ إِلَيْهِ الْحَقِيقَةُ، فَتَكُونُ لُغَوِيَّةً إِذَا كَانَ وَاضِعَهَا أَهْل اللُّغَةِ كَلَفْظِ الإِْنْسَانِ الْمُسْتَعْمَل فِي الْحَيَوَانِ النَّاطِقِ. وَتَكُونُ شَرْعِيَّةً إِذَا كَانَ وَاضِعَهَا الشَّارِعُ كَالصَّلاَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي الْعِبَادَةِ الْمَخْصُوصَةِ، وَتَكُونُ عُرْفِيَّةً إِذَا كَانَ وَاضِعَهَا الْعُرْفُ سَوَاءً أَكَانَ عُرْفًا عَامًّا كَالدَّابَّةِ لِذَوَاتِ الأَْرْبَعِ وَهِيَ فِي أَصْل اللُّغَةِ لِكُل مَا يَدِبُّ عَلَى الأَْرْضِ مِنْ إِنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ، أَمْ خَاصًّا. كَمَا لِكُل طَائِفَةٍ اصْطِلاَحَاتٌ تَخُصُّهُمْ.
وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ اسْتِعْمَال اللَّفْظِ فِي مَعْنًى قَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارٍ، وَمَجَازًا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ. فَلَفْظُ (الصَّلاَةِ) إِذَا اسْتَعْمَلَهُ أَهْل الشَّرْعِ فِي
(١) التعريفات للجرجاني، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي ١ / ٦٥، ٦٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute