تَفْصِيلٌ: إِنْ كَانَ النُّقْصَانُ فِي عَيْنِ الْمَسْرُوقِ بِأَنْ هَلَكَ بَعْضُهُ فِي يَدِ السَّارِقِ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْحِرْزِ، فَلاَ عِبْرَةَ بِهَذَا النَّقْصِ؛ لأَِنَّ هَلاَكَ الْكُل لاَ يَمْنَعُ مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ، فَهَلاَكُ الْبَعْضِ أَوْلَى بِأَلاَّ يَمْنَعَ مِنْ إِقَامَتِهِ، وَلِذَلِكَ تُطَبَّقُ قَاعِدَةُ: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ وَقْتَ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْحِرْزِ. أَمَّا إِنْ كَانَ سَبَبُ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ يَرْجِعُ إِلَى تَغَيُّرِ سِعْرِهِ، فَفِي الْمَذْهَبِ رِوَايَتَانِ: رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَرَجَّحَهَا الطَّحَاوِيُّ، أَنَّ الاِعْتِبَارَ لَقِيمَةِ الْمَسْرُوقِ وَقْتَ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْحِرْزِ، فَتُطَبَّقُ الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ. وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ: أَنَّ الاِعْتِبَارَ بِقِيمَةِ الْمَسْرُوقِ، وَقْتَ الإِْخْرَاجِ مِنَ الْحِرْزِ وَوَقْتَ الْحُكْمِ مَعًا، فَإِذَا تَغَيَّرَتِ الأَْسْعَارُ، بِأَنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَبْل الْحُكْمِ، فَلاَ يُقَامُ الْحَدُّ؛ لأَِنَّهُ لاَ دَخْل لِلسَّارِقِ فِي ذَلِكَ؛ وَلأَِنَّ النَّقْصَ عِنْدَ الْحُكْمِ يُورِثُ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ.
وَإِذَا وَقَعَتِ السَّرِقَةُ فِي مَكَانٍ، وَضُبِطَ الْمَسْرُوقُ فِي مَكَانٍ آخَرَ، كَانَتِ الْعِبْرَةُ - فِي رَأْيٍ - بِقِيمَةِ الْمَسْرُوقِ فِي مَحَل السَّرِقَةِ، وَفِي رَأْيٍ آخَرَ: تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي مَحَل ضَبْطِهِ (١) .
٣ - اخْتِلاَفُ الْمُقَوِّمِينَ فِي تَحْدِيدِ قِيمَةِ الْمَسْرُوقِ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ فِي
(١) بدائع الصنائع ٧ / ٧٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute