الثَّالِثُ: مَا لِلْمُضَارِبِ عَمَلُهُ إِِذَا قِيل لَهُ: اعْمَل بِرَأْيِكَ وَإِِِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ
٣٥ - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِِنَّ الْمُضَارِبَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَال الْمُضَارَبَةِ إِِلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً، وَأَنْ يُشَارِكَ غَيْرَهُ فِي مَال الْمُضَارَبَةِ شَرِكَةَ عَنَانٍ، وَأَنْ يَخْلِطَ مَال الْمُضَارَبَةِ بِمَال نَفْسِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَل شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِِذَا لَمْ يَقُل لَهُ: اعْمَل بِرَأْيِكَ.
أَمَّا الْمُضَارَبَةُ: فَلأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ مِثْل الْمُضَارَبَةِ، وَالشَّيْءُ لاَ يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ، فَلاَ يُسْتَفَادُ بِمُطْلَقِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ مِثْلُهُ.
وَأَمَّا الشَّرِكَةُ: فَهِيَ أَوْلَى أَنْ لاَ يَمْلِكَهَا بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ، لأَِنَّهَا أَعَمُّ مِنَ الْمُضَارَبَةِ، وَالشَّيْءُ لاَ يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ فَمَا فَوْقَهُ أَوْلَى.
وَأَمَّا الْخَلْطُ فَلأَِنَّهُ يُوجِبُ فِي مَال رَبِّ الْمَال حَقًّا لِغَيْرِهِ فَلاَ يَجُوزُ إِِلاَّ بِإِِِذْنِهِ (١) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِِذَا قَال رَبُّ الْمَال لِلْمُضَارِبِ
اعْمَل بِرَأْيِكَ أَوْ تَصَرَّفْ كَيْفَ شِئْتَ فَلَهُ الْبَيْعُ بِالنَّسَاءِ، لأَِنَّهُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ لَفْظِهِ، وَقَرِينَةُ حَالِهِ تَدُل عَلَى رِضَائِهِ بِرَأْيِهِ فِي صِفَاتِ الْبَيْعِ وَفِي أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ وَهَذَا مِنْهَا، قَال ابْنُ قُدَامَةَ فَإِِِذَا قُلْنَا: لَهُ الْبَيْعُ نَسَاءً فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَمَهْمَا
(١) بدائع الصنائع ٦ / ٩٥، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٤٨٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute