إِلَى الْحَلِفِ، هُوَ الأَْمْرُ الَّذِي يُخْشَى تَخَلُّفُهُ، وَهُوَ الْوَفَاءُ بِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الإِْنْشَائِيَّةِ.
فَمَنْ حَلَفَ فَقَال: وَاللَّهِ لأََقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ غَدًا، وَقَدْ حَثَّ نَفْسَهُ عَلَى الْقَضَاءِ، وَهَذَا الْحَثُّ قَدْ حَصَل بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ، فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى الْقَسَمِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ، فَالْقَسَمُ إِذَنْ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْحَثِّ الْمُسْتَتْبِعِ لأَِثَرِهِ، وَهُوَ حُصُول الْقَضَاءِ بِالْفِعْل فِي غَدٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى خَبَرِيٌّ، وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَقْضِهِ حَقَّهُ لَكَانَ حَانِثًا.
فَمَنْ قَال: لأََقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ. أَثْبَتَ مَعْنَيَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) إِنْشَائِيٌّ، وَهُوَ حَثُّ نَفْسِهِ عَلَى الْقَضَاءِ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الصَّرِيحُ.
(وَثَانِيهِمَا) خَبَرِيٌّ، وَهُوَ الإِْخْبَارُ بِأَنَّ هَذَا الْقَضَاءَ سَيَحْصُل فِي الْغَدِ، وَهَذَا الْمَعْنَى ضِمْنِيٌّ، وَالْيَمِينُ إِنَّمَا أُتِيَ بِهَا مِنْ أَجْل هَذَا الْمَعْنَى الضِّمْنِيِّ.
وَلِهَذَا لاَ يَصِحُّ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَنْ يُجَابَ الْقَسَمُ بِفِعْل الأَْمْرِ، وَلاَ بِفِعْل النَّهْيِ، فَلاَ يُقَال: وَاللَّهِ قُمْ، أَوْ لاَ تَقُمْ.
مُرَادِفَاتُ الْيَمِينِ:
١٠ - قَال الْكَمَال: أَسْمَاءُ هَذَا الْمَعْنَى التَّوْكِيدِيِّ سِتَّةٌ: الْحَلِفُ وَالْقَسَمُ وَالْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وَالإِْيلاَءُ وَالْيَمِينُ (١) .
فَالْيَمِينُ مُرَادِفَةٌ لِلأَْلْفَاظِ الْخَمْسَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ مَعَهَا.
وَهُنَاكَ أَلْفَاظٌ أُخْرَى، فَقَدْ أَفَادَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ أَنَّهُ لَوْ قَال إِنْسَانٌ: أَشْهَدُ أَوْ أَعْزِمُ أَوْ شَهِدْتُ أَوْ عَزَمْتُ بِاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا. كَانَ يَمِينًا؛ لأَِنَّ الْعَزْمَ
(١) فتح القدير ٤ / ٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute