أَعْطَاهُ الْبَاقِيَ أَوْ لَمْ يُعْطِ، وَإِنْ قَيَّدَ أَدَاءَ الْبَعْضِ الْمُعَجَّل بِيَوْمٍ، قَائِلاً لَهُ: إِنْ لَمْ تَنْقُدْنِي فِيهِ فَالْمَال عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُدْهُ، لَمْ يَبْرَأْ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْعِبَارَةَ الأَْخِيرَةَ وَاكْتَفَى بِتَحْدِيدِ الْيَوْمِ، فَفِيهِ خِلاَفٌ: فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ قَالَهَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ: حُكْمُهُ كَالأَْوَّل الْمُطْلَقِ عَنِ التَّحْدِيدِ. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ الإِْبْرَاءِ الْمُقَيَّدِ بِشَرْطِ أَدَاءِ الْبَعْضِ؛ لأَِنَّهُ إِبْرَاءٌ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ لأَِنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ عَنْ بَعْضِ حَقِّهِ إِلاَّ لِيُوَفِّيَهُ بَقِيَّتَهُ، فَكَأَنَّهُ عَاوَضَ بَعْضَ حَقِّهِ بِبَعْضٍ.
هَذَا كُلُّهُ إِنْ كَانَ الشَّرْطُ أَدَاءَ الْبَاقِي، أَمَّا إِنْ أَبْرَأَهُ عَنِ الْبَعْضِ بِشَرْطِ تَعْجِيل الْبَاقِي فَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لأَِنَّهُ يُشْبِهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنْ عَجَّل ذَلِكَ الْبَعْضَ بِغَيْرِ شَرْطٍ، فَأَخَذَهُ مِنْهُ وَأَبْرَأَهُ مِمَّا بَقِيَ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ. (١)
الإِْبْرَاءُ بِعِوَضٍ:
٥٣ - تَعَرَّضَ الشَّافِعِيَّةُ لِمَسْأَلَةِ بَذْل الْعِوَضِ عَلَى الإِْبْرَاءِ، فَذَهَبُوا إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ، كَأَنْ يُعْطِيَهُ ثَوْبًا مَثَلاً
(١) العناية شرح الهداية ٧ / ٤٥، وتكملة فتح القدير ٧ / ٤١، والبدائع ٦ / ٤٤، ٤٥ (وقد جعلوا المسألة على خمس صور بحسب البدء بالإبراء فيكون تقييدا، أو البدء بالأداء فيكون تعليقا وبحسب تحديد وقت الأداء) ، والفتاوى الخانية ٣ / ١٤١، والدسوقي ٣ / ٣١٠، والقليوبي وعميرة ٤ / ٣٦٨ و٢ / ٣٠٨، وشرح الروض ٢ / ٢١٥، والوجيز ١ / ١٧٧، والمغني لابن قدامة ٤ / ٣٦٣ ط مكتبة القاهرة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute