جَعَلَهُ لِيَقْرَأَ مِنْهُ، قَالُوا: لأَِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيمَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُ فِي الصَّلاَةِ بِاعْتِبَارِ التَّشَبُّهِ بِعُبَّادِهَا، وَالْمُصْحَفُ لَمْ يَعْبُدْهُ أَحَدٌ، وَاسْتِقْبَال أَهْل الْكِتَابِ مَصَاحِفَهُمْ لِلْقِرَاءَةِ مِنْهَا لاَ لِعِبَادَتِهَا، وَمِنْ هُنَا كَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلاَةِ مِنَ الْمُصْحَفِ (١) .
الْقِرَاءَةُ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا
١٥ - ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقْرَأَ مِنَ الْمُصْحَفِ، فَإِِِنْ قَرَأَ بِالنَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ فَسَدَتْ صَلاَتُهُ مُطْلَقًا، أَيْ قَلِيلاً كَانَ مَا قَرَأَهُ أَوْ كَثِيرًا، إِِمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ مِمَّنْ لاَ يُمْكِنُهُ الْقِرَاءَةُ إِِلاَّ مِنْهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ حَافِظٍ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي تَعْلِيل قَوْلِهِ، فَقِيل: لأَِنَّ حَمْل الْمُصْحَفِ وَالنَّظَرَ فِيهِ وَتَقْلِيبَ الأَْوْرَاقِ عَمَلٌ كَثِيرٌ، وَقِيل: لأَِنَّهُ تَلَقَّنَ مِنَ الْمُصْحَفِ، فَصَارَ كَمَا إِِذَا تَلَقَّنَ مِنْ غَيْرِهِ، وَصَحَّحَ هَذَا الْوَجْهَ فِي الْكَافِي تَبَعًا لِتَصْحِيحِ السَّرَخْسِيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الْقِرَاءَةِ إِِلاَّ مِنَ الْمُصْحَفِ فَصَلَّى بِلاَ قِرَاءَةٍ فَإِِِنَّهَا تُجْزِئُهُ.
وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ إِِلَى تَجْوِيزِ الْقِرَاءَةِ
(١) الدر المختار وحاشية ابن عابدين ١ / ٤٣٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute