وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَجْهٌ آخَرُ. فَقَدْ سُئِل أَحْمَدُ عَنِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ وَنَفْيِهِ، فَقَال: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا يَدُل عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ بِشَرْطِهِ، وَوُجُوبِهِ بِشَرْطِهِ. (١)
الْتِزَامَاتُ رَبِّ الْعَمَل إِزَاءَ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ:
١٣٧ - يَلْزَمُ الآْجِرَ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَيْنَ الْمُرَادَ إِجْرَاءُ الْعَمَل عَلَيْهَا لِلأَْجِيرِ فِي الْوَقْتِ الْمَشْرُوطِ الْمَلْفُوظِ أَوِ الْمَلْحُوظِ، إِذْ لاَ يَتَحَقَّقُ التَّمْكِينُ إِلاَّ بِذَلِكَ. وَفِي تَسْلِيمِ التَّوَابِعِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَا شَرْطٌ، عَلَى مَا ذُكِرَ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَنِ الْتِزَامَاتِ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ.
١٣٨ - وَيَلْتَزِمُ الْمُسْتَأْجِرُ بِدَفْعِ الأُْجْرَةِ لِلأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعَمَل وَتَسَلُّمِهِ، مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ بِالتَّعْجِيل أَوْ بِالتَّأْجِيل، وَمَا لَمْ يَكُنِ الْعَمَل الْمَأْجُورُ فِيهِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ، كَالْحَمَّال وَالسِّمْسَارِ وَنَحْوِهِمَا؛ إِذْ لاَ يَتَوَقَّفُ الأَْجْرُ فِيهَا عَلَى التَّسْلِيمِ، فَلَوْ هَلَكَ الْمَحْمُول عَنْ رَأْسِ الْحَمَّال قَبْل تَسْلِيمِهِ، أَوْ هَلَكَ الشَّيْءُ الَّذِي طُلِبَ مِنَ السِّمْسَارِ بَيْعُهُ أَوْ شِرَاؤُهُ، اسْتَحَقَّ أُجْرَةً بِمَا عَمِل. أَمَّا مَا كَانَ لِلْعَمَل أَثَرٌ فِيهِ، كَالثَّوْبِ الْمَطْلُوبِ صَبْغُهُ، فَإِنَّهُ لاَ أَجْرَ لَهُ إِلاَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْعَمَل وَتَسْلِيمِهِ، مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَرْطٌ مُخَالِفٌ، فَلَوْ هَلَكَ الثَّوْبُ قَبْل التَّسْلِيمِ سَقَطَ الأَْجْرُ. هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا كَانَ يَعْمَلُهُ بَعِيدًا عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ. أَمَّا إِنْ كَانَ الأَْجِيرُ يَعْمَل فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ
(١) المغني ٦ / ١١٨
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute