وَذَلِكَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ بِلاَ خِلاَفٍ، وَهَذَا إِذَا تَقَدَّمَ الإِْقْرَاضُ عَلَى الْبَيْعِ.
فَإِنْ تَقَدَّمَ الْبَيْعُ - بِأَنْ بَاعَ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ الْمُعَامَلَةُ مِنَ الطَّالِبِ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا، ثُمَّ أَقْرَضَهُ سِتِّينَ دِينَارًا أُخْرَى، حَتَّى صَارَ لَهُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ مِائَةُ دِينَارٍ، وَحَصَل لِلْمُسْتَقْرِضِ ثَمَانُونَ دِينَارًا - ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ جَائِزٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ إِمَامِ بَلْخٍ، وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِ بَلْخٍ كَانُوا يَكْرَهُونَهُ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ قَرْضٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، إِذْ لَوْلاَهُ لَمْ يَتَحَمَّل الْمُسْتَقْرِضُ غَلاَءَ الثَّمَنِ، وَمِنَ الْمَشَايِخِ مَنْ قَال يُكْرَهُ لَوْ كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَإِلاَّ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، لأَِنَّ الْمَجْلِسَ الْوَاحِدَ يَجْمَعُ الْكَلِمَاتِ الْمُتَفَرِّقَةَ، فَكَأَنَّهُمَا وُجِدَا مَعًا، فَكَانَتِ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْقَرْضِ، وَكَانَ شَمْسُ الأَْئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يُفْتِي بِقَوْل الْخَصَّافِ وَابْنِ سَلَمَةَ، وَيَقُول: هَذَا لَيْسَ بِقَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً، بَل هَذَا بَيْعٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، وَهِيَ الْقَرْضُ (١) .
ح - اشْتِرَاطُ الْجُعْل عَلَى الاِقْتِرَاضِ بِالْجَاهِ:
٣٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنِ اسْتَقْرَضَ لِغَيْرِهِ بِجَاهِهِ، هَل يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ جُعْلاً ثَمَنًا لِجَاهِهِ أَمْ لاَ؟
(١) رد المحتار ٤ / ١٧٥ (ط. بولاق ١٢٧٢ هـ) ، والفتاوى الهندية ٣ / ٢٠٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute