وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْمُوصَى بِنَفْعِهِ لاَ يُطِيقُ الْخِدْمَةَ لِصِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ فَنَفَقَتُهُ عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ إِلَى أَنْ يُدْرِكَ الْخِدْمَةَ، فَإِذَا أَدْرَكَهَا كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ (١) .
التَّصَرُّفُ فِي الرَّقِيقِ الْمُوصَى بِنَفْعِهِ:
٤٥ - اخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ الْمُوصَى بِنَفْعِهِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ فِي كُلٍّ مِنَ الْمَذْهَبَيْنِ: فَقِيل: لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ، فَإِنْ بِيعَ بَقِيَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِي الْمَنْفَعَةِ.
فَيُبَاعُ مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ إِلَى نِهَايَةِ الْمُدَّةِ الْمُوصَى بِهَا، وَيَقُومُ الْمُشْتَرِي مَقَامَ الْبَائِعِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ بِيعَ مِنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، لأَِنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ يَقْتَضِي جَوَازَ الْبَيْعِ؛ وَلأَِنَّ مُشْتَرِيَهُ يُمْكِنُ أَنْ يَعْتِقَهُ فَيَحْصُل لَهُ أَجْرُهُ وَوَلاَؤُهُ.
وَقِيل: لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ مَالِكِ مَنْفَعَتِهِ؛ لأَِنَّ مَا لاَ نَفْعَ فِيهِ لاَ يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْحَشَرَاتِ، وَقِيل: يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ مَالِكِ مَنْفَعَتِهِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ مَالِكَ مَنْفَعَتِهِ يَجْتَمِعُ لَهُ الرَّقَبَةُ وَالْمَنْفَعَةُ، فَيَنْتَفِعُ بِذَلِكَ، بِخِلاَفِ غَيْرِهِ.
٤٦ - وَلِمَالِكِ الرَّقَبَةِ أَنْ يَعْتِقَ الرَّقِيقَ الْمُوصَى بِنَفْعِهِ، وَتَبْقَى الْمَنْفَعَةُ لِمَنْ أُوصِيَ لَهُ بِهَا، وَلاَ يَرْجِعُ الرَّقِيقُ عَلَى مُعْتِقِهِ بِشَيْءٍ، وَفِي قَوْلٍ
(١) المغني ٦ / ٥٩، ٦٢، وروضة الطالبين ٦ / ١٨٩، والدر المختار بهامش حاشية ابن عابدين ٥ / ٤٤٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute