امْتِنَاعُ الإِْجَارَةِ الطَّوِيلَةِ فِي الْوَقْفِ إِذَا اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ:
١١ - إِذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مَنْعَ تَأْجِيرِ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَجَبَ التَّقَيُّدُ بِشَرْطِهِ اتِّفَاقًا، لَكِنْ إِذَا اقْتَضَتْ ضَرُورَةٌ إِبْقَاءَ عَيْنِ الْوَقْفِ إِلَى إِجَارَتِهِ مُدَّةً أَكْثَرُ مِمَّا شَرَطَهُ جَازَ كَمَا يَأْتِي.
وَأَجَازَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَنْ يَحْتَال النَّاظِرُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَالْحِيلَةُ الَّتِي ذَكَرُوهَا أَنْ يُؤَجِّرَهُ النَّاظِرُ وَيَكْتُبَ فِي عَقْدِ الإِْيجَارِ أَنَّهُ آجَرَهُ عُقُودًا مُتَلاَحِقَةً، سِتِّينَ عَقْدًا مَثَلاً، كُل عَقْدٍ لِسَنَةٍ، وَأُجْرَةُ كُل سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا.
وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ بِجَوَازِ هَذِهِ الْحِيلَةِ أَخْذًا بِأَنَّهَا لاَ تُخَالِفُ لَفْظَ الْوَاقِفِ، وَمِنْ هَؤُلاَءِ قَاضِي خَانَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّيْخُ زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ، وَابْنُ الأُْسْتَاذِ، وَصَاحِبُ الأَْنْوَارِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا لاَ تُفِيدُ، نَظَرًا إِلَى الْمَعْنَى وَأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ الْمُتَلاَحِقَةَ هِيَ بِمَعْنَى عَقْدٍ وَاحِدٍ. وَمِنْ هَؤُلاَءِ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الصَّلاَحِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْل أَبِي جَعْفَرٍ قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَالْمُرَجَّحُ صِحَّةُ هَذِهِ الْحِيلَةِ لأَِنَّ مَنْ تَأَمَّل كَلاَمَ أَهْل الْمَذْهَبِ وَتَفَارِيعَهُمْ وَجَدَهُمْ فِي الْغَالِبِ يُرَجِّحُونَ مَا كَانَ أَقْرَب إِلَى لَفْظِ الْوَاقِفِ عَلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ إِلَى غَرَضِهِ دُونَ لَفْظِهِ قَال: وَلِذَا اعْتَمَدَهُ الْمُحَقِّقُونَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute