الْمَشَقَّةُ فِي الْعَمَل:
١٧ - قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ فِي الْعَمَل الْمُتَعَاقَدِ عَلَيْهِ فِي عَقْدِ الْجِعَالَةِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا فِيهِ تَعَبٌ وَمَشَقَّةٌ أَوْ مُؤْنَةٌ، كَرَدِّ آبِقٍ، أَوْ ضَالَّةٍ، أَوْ دَلاَلَةٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ مَنْ بِيَدِهِ الشَّيْءُ، أَوْ إِخْبَارٍ عَنْ شَيْءٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَعَبٌ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ صَادِقًا فِي إِخْبَارِهِ، وَأَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَخْبِرِ غَرَضٌ فِي الْمُخْبَرِ بِهِ.
وَقَيَّدَ الأَْذْرَعِيُّ هَذَا: بِمَا إِذَا كَانَتِ الْمَشَقَّةُ حَادِثَةً بَعْدَ عَقْدِ الْجِعَالَةِ، فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ فَلاَ عِبْرَةَ بِهَا لأَِنَّهَا مَحْضُ تَبَرُّعٍ حِينَئِذٍ.
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَالِكِيَّةُ هَذَا الشَّرْطَ، بَل اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْجِعَالَةِ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِهِ، قَال الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ: إِنَّهَا تَجُوزُ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ دُونَ غَيْرِهِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا تَجُوزُ فِي كُل مَا لاَ يَكُونُ لِلْجَاعِل فِيهِ مَنْفَعَةٌ إِلاَّ بِتَمَامِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ يَسِيرًا أَمْ غَيْرَ يَسِيرٍ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. (١)
كَوْنُ الْعَمَل مُبَاحًا غَيْرَ وَاجِبٍ عَلَى الْعَامِل:
١٨ - قَال الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ فِي الْعَمَل أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا غَيْرَ وَاجِبٍ عَلَى الْعَامِل أَدَاؤُهُ فَلاَ يَصِحُّ
(١) تحفة المحتاج ٢ / ٣٦٧، والأنوار ١ / ٤١٨، وأسنى المطالب ٢ / ٤٤١، ونهاية المحتاج ٤ / ٣٤٤، والمقدمات ٢ / ٣٠٨، ٣٠٩، وحاشية العدوي على شرح أبي الحسن ٢ / ١٦٢، وكشاف القناع ٢ / ٤١٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute