هَذِهِ الصُّورَةِ فَاسِدٌ، وَالْقَوْل قَوْل الْمُوَاضَعَةِ؛ لأَِنَّهَا أَصْلٌ عِنْدَهُمَا هُنَا، فَقَدِ اعْتَبَرَ الصَّاحِبَانِ الْمُوَاضَعَةَ لأَِنَّ الْعَادَةَ فِي مِثْلِهِ تَحْقِيقُ الْمُوَاضَعَةِ مَا أَمْكَنَ، وَالْمُوَاضَعَةُ أَسْبَقُ، فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ كَيْ لاَ تَلْغُوَ الْمُوَاضَعَةُ السَّابِقَةُ، فَيَكُونُ الاِشْتِغَال بِهَا عَبَثًا، إِلاَّ أَنْ يُوجَدَ نَصٌّ عَلَى مَا يَنْقُضُهَا، وَهُوَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الإِْعْرَاضِ عَنْهَا (١) .
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ صُورَةُ مَا إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ وَالإِْعْرَاضِ عَنْهَا، فَقَال أَحَدُهُمَا: بَنَيْنَا الْعَقْدَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَقَال الآْخَرُ: عَقَدْنَاهُ عَلَى سَبِيل الْجِدِّ.
١٥ - فَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ، لأَِنَّ الصِّحَّةَ هِيَ الأَْصْل عِنْدَهُ فِي الْعُقُودِ كُلِّهَا فَيُحْمَل عَلَيْهَا مَا لَمْ يُوجَدْ مُغَيِّرٌ وَلَمْ يُوجَدْ، إِذِ الأَْصْل فِي الْعَقْدِ الشَّرْعِيِّ هُوَ الصِّحَّةُ وَاللُّزُومُ حَتَّى يَقُومَ الْمُعَارِضُ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا شُرِعَ لِلْمِلْكِ، وَالْجِدُّ هُوَ الظَّاهِرُ فِيهِ. فَإِذَا اخْتَلَفَا: فَمُدَّعِي الإِْعْرَاضِ عَنِ الْمُوَاضَعَةِ مُتَمَسِّكٌ بِالأَْصْل، فَيَكُونُ الْقَوْل قَوْلَهُ، وَمُدَّعِي الْبِنَاءِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ مُتَمَسِّكٌ بِغَيْرِ الأَْصْل فَلاَ
(١) الْمَرْجِعَانِ السَّابِقَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute