ب - نَفَاذُ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ: ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ تَصِحُّ مِنَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ بِشَرِيطَتَيْنِ: إِذْنُ الْقَاضِي، وَعَدَمُ ظُهُورِ دَائِنٍ آخَرَ. وَعَلَيْهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ.
وَلَكِنَّهُمْ ضَعَّفُوهُ، لأَِنَّ الْحَجْرَ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ بِعَامَّةٍ، وَقَدْ يَكُونُ ثَمَّ دَائِنٌ آخَرُ فِي الْوَاقِعِ وَنَفْسِ الأَْمْرِ.
وَالرَّأْيَانِ يَرِدَانِ فِي حَوَالَةِ السَّفِيهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، إِلاَّ أَنَّ الْقَوْل بِالْجَوَازِ هُنَا فِي حَالَةِ الْحَجْرِ لِلسَّفَهِ أَقْوَى، حَتَّى لَقَدْ قَطَعَ بِهِ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ. وَيَرَى كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الإِْجَازَةَ اللاَّحِقَةَ لِتَصَرُّفِ السَّفِيهِ كَالإِْذْنِ السَّابِقِ. وَمِنْ هَؤُلاَءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ. فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى اثْنَيْنِ فَأَحَالاَ بِهِ، وَأَحَدُهُمَا نَافِذُ التَّصَرُّفِ وَالآْخَرُ بِخِلاَفِهِ - أَوْ كَانَا هُمَا الْمُحَال عَلَيْهِمَا مَعًا، وَأَحَدُهُمَا غَيْرُ نَافِذِ التَّصَرُّفِ - فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلاَفُ الْمَعْرُوفُ فِي نَتِيجَةِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (١) .
النَّوْعُ الثَّانِي: مَدْيُونِيَّةُ الْمُحِيل لِلْمُحَال:
٥٨ - صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْحَوَالَةِ، أَنْ يَكُونَ الْمُحِيل مَدِينًا لِلْمُحَال وَلَوْ بِدَيْنِ حَوَالَةٍ سَابِقَةٍ، أَوْ دَيْنِ كَفَالَةٍ، أَوْ بِدَيْنٍ مُرَكَّبٍ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ. وَعَلَّلُوهُ بِأَنْ لَيْسَ مِنَ الْمُتَصَوَّرِ حَوَالَةُ دَيْنٍ لاَ وُجُودَ لَهُ. وَيَثْبُتُ الدَّيْنُ بِطُرُقِ الإِْثْبَاتِ الْمُقَرَّرَةِ فِقْهًا، وَيَنُصُّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الاِكْتِفَاءِ بِإِقْرَارِ الْمُحَال بِثُبُوتِهِ.
(١) مجمع الأنهر ٢ / ٤٢٢، ٤٢٣، ٤٢٦، والخرشي على خليل ٤ / ٢٠٤ ومغني المحتاج على المنهاج ٢ / ١٤٨، ١٧٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute