د - إِعْسَارُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ الْمُسَمَّى:
١٤ - يُفَصِّل الشَّافِعِيَّةُ فِي إِعْسَارِ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ بَيْنَ حَالَتَيْنِ:
أَوَّلاَهُمَا: إِنْ كَانَ قَبْل الدُّخُول ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، لأَِنَّهُ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ بِالإِْفْلاَسِ بِالْمَهْرِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: إِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُول لَمْ يَجُزِ الْفَسْخُ، لأَِنَّ الزَّوْجَ اسْتَوْفَى حَقَّهُ فَلَمْ يُفْسَخْ بِالإِْعْسَارِ، وَقَدْ وَافَقَهُمُ الْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
وَهُنَاكَ وَجْهٌ آخَرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لاَ يَثْبُتُ لَهَا خِيَارُ الْفَسْخِ مُطْلَقًا، لاَ قَبْل الدُّخُول وَلاَ بَعْدَهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ، لأَِنَّ الْمَهْرَ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ، فَلاَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ لِلإِْعْسَارِ بِهِ، كَالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَلأَِنَّ تَأْخِيرَهُ لَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ مُجْحِفٌ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ دَعَتْ زَوْجَهَا لِلدُّخُول بِهَا، وَطَلَبَتْ حَال الصَّدَاقِ فَلَمْ يَجِدْهُ، وَادَّعَى الْعُدْمَ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عُدْمُهُ بِبَيِّنَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ لإِِثْبَاتِ عُسْرِهِ (فَقْرِهِ) ، ثُمَّ إِذَا ثَبَتَ عُسْرُهُ، أَوْ صَدَّقَتْهُ فِيهِ زِيدَ لَهُ فِي الأَْجَل بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ أَتَى بِشَيْءٍ وَإِلاَّ عَجَّزَهُ.
وَوُجُوبُ التَّلَوُّمِ لِمَنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ وَلاَ يُرْجَى يَسَارُهُ - لأَِنَّ الْغَيْبَ قَدْ يَكْشِفُ عَنِ الْعَجَائِبِ - هُوَ تَأْوِيل الأَْكْثَرِ. وَصَحَّحَ - أَيْ صَوَّبَهُ - الْمُتَيْطِيُّ وَعِيَاضٌ، وَعَدَمُ التَّلَوُّمِ لِمَنْ لاَ يُرْجَى يَسَارُهُ، فَيُطْلَقُ عَلَيْهِ نَاجِزًا هُوَ تَأْوِيلٌ فَضَل عَلَى الْمُدَوَّنَةِ.
ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الأَْجَل طَلَّقَ عَلَيْهِ، بِأَنْ يُطَلِّقَ الْحَاكِمُ، أَوْ تُوقِعَهُ الزَّوْجَةُ ثُمَّ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ، عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ. وَوَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ لِعَجْزِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute