الْمُقَلِّدِ، فَقَدْ ذَهَبَ الأَْكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ الْمُفْتِيَ لَيْسَ مُخَيَّرًا يَأْخُذُ بِمَا شَاءَ وَيَتْرُكُ مَا شَاءَ، بَل عَلَيْهِ أَنْ يُرَجِّحَ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ بَيْنَ الأَْدِلَّةِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي عِلْمِ أُصُول الْفِقْهِ.
وَفِي تَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.
تَتَبُّعُ الْمُفْتِي لِلرُّخَصِ:
٢٦ - ذَهَبَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُفْتِي تَتَبُّعُ رُخَصِ الْمَذَاهِبِ، بِأَنْ يَبْحَثَ عَنِ الأَْسْهَل مِنَ الْقَوْلَيْنِ أَوِ الْوَجْهَيْنِ وَيُفْتِيَ بِهِ، وَخَاصَّةً إِنْ كَانَ يُفْتِي بِذَلِكَ مَنْ يُحِبُّهُ مِنْ صَدِيقٍ أَوْ قَرِيبٍ، وَيُفْتِي بِغَيْرِ ذَلِكَ مَنْ عَدَاهُمْ، وَقَدْ خَطَّأَ الْعُلَمَاءُ مَنْ يَفْعَل ذَلِكَ، نَقَلَهُ الشَّاطِبِيُّ عَنِ الْبَاجِيِّ وَالْخَطَّابِيِّ، وَنَصَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ، وَابْنُ الْقَيِّمِ عَلَى فِسْقِ مَنْ يَفْعَل ذَلِكَ، لأَِنَّ الرَّاجِحَ فِي نَظَرِ الْمُفْتِي هُوَ فِي ظَنِّهِ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى، فَتَرْكُهُ وَالأَْخْذُ بِغَيْرِهِ لِمُجَرَّدِ الْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ اسْتِهَانَةٌ بِالدِّينِ، شَبِيهٌ بِالاِنْسِلاَخِ مِنْهُ، وَلأَِنَّهُ شَبِيهٌ بِرَفْعِ التَّكْلِيفِ بِالْكُلِّيَّةِ، إِذِ الأَْصْل أَنَّ فِي التَّكْلِيفِ نَوْعًا مِنَ الْمَشَقَّةِ، فَإِنْ أَخَذَ فِي كُل مَسْأَلَةٍ بِالأَْخَفِّ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ أَخَفَّ، فَإِنَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يُسْقِطَ تَكْلِيفًا - مِنْ غَيْرِ مَا فِيهِ إِجْمَاعٌ - إِلاَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute