أَثَرُ التَّعْلِيقِ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ:
٣٠ - هُنَاكَ مَسْأَلَةٌ أُصُولِيَّةٌ هَامَّةٌ هِيَ: أَنَّ التَّعْلِيقَ هَل يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنِ السَّبَبِيَّةِ أَوْ يَمْنَعُ الْحُكْمَ عَنِ الثُّبُوتِ فَقَطْ، لاَ السَّبَبَ عَنِ الاِنْعِقَادِ؟ وَالْخِلاَفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. فَالْحَنَفِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ التَّعْلِيقَ يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنِ السَّبَبِيَّةِ كَمَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ عَنِ الثُّبُوتِ. وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ التَّعْلِيقَ لاَ يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنِ السَّبَبِيَّةِ، وَإِِنَّمَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ مِنَ الثُّبُوتِ فَقَطْ، وَلاَ يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنِ الاِنْعِقَادِ.
فَكَوْنُ التَّعْلِيقِ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَكَوْنُهُ يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنِ السَّبَبِيَّةِ هُوَ مَحَل الْخِلاَفِ.
فَالْحَنَفِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّهُ يَمْنَعُ، وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْعَكْسِ فِي ذَلِكَ. وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ تَعْلِيقُ الطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ بِالْمِلْكِ، فَإِِنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَيَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الْمِلْكِ، لِعَدَمِ سَبَبِيَّتِهِ فِي الْحَال، وَإِِنَّمَا يَصِيرُ سَبَبًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْمِلْكُ، فَيُصَادِفُ مَحَلًّا مَمْلُوكًا. وَلاَ يَصِحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّ التَّعْلِيقَ عِنْدَهُمْ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحُكْمِ فِي الْحَال، وَالْمَحَل هُنَا غَيْرُ مَمْلُوكٍ، فَيَلْغُو، وَلاَ يَقَعُ شَيْءٌ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ. (١)
٣١ - التَّصَرُّفَاتُ مِنْ حَيْثُ قَبُولُهَا التَّعْلِيقَ أَوْ عَدَمُ قَبُولِهَا لَهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
(١) مسلم الثبوت ١ / ٤٢٣، ٤٣٢ ط صادر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute