للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُوجِبْهُ فِي الإِْجَارَةِ وَالْوَدِيعَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ عَقْدٌ لاَ يَقْتَضِي الضَّمَانَ فَلاَ يَقْتَضِي رَدَّهُ وَمُؤْنَتَهُ، كَالْوَدِيعَةِ، وَفَارَقَ الْعَارِيَّةَ، فَإِنَّ ضَمَانَهَا يَجِبُ، فَكَذَلِكَ رَدُّهَا، وَعَلَى هَذَا مَتَى انْقَضَتِ الْمُدَّةُ كَانَتِ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَانَةً كَالْوَدِيعَةِ إِنْ تَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ فِي رَدِّ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الإِْجَارَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَال: لاَ يَلْزَمُهُ قَبْل الْمُطَالَبَةِ؛ لأَِنَّهُ أَمَانَةٌ فَلاَ يَلْزَمُهُ رَدُّهَا قَبْل الطَّلَبِ كَالْوَدِيعَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: يَلْزَمُهُ لأَِنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الإِْجَارَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي إِمْسَاكِهَا فَلَزِمَهُ الرَّدُّ كَالْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ وَقْتِهَا، فَإِنْ قُلْنَا لاَ يَلْزَمُهُ الرَّدُّ لَمْ يَلْزَمْهُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ كَالْوَدِيعَةِ، وَإِنْ قُلْنَا يَلْزَمُهُ لَزِمَهُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ كَالْعَارِيَّةِ (١) .

مُسْقِطَاتُ الرَّدِّ فِي الْعُقُودِ:

يَسْقُطُ الرَّدُّ فِي الْعُقُودِ لِعِدَّةِ أُمُورٍ مِنْهَا مَا يَلِي:

٨ - أ - تَصْحِيحُ الْعَقْدِ: جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ لاَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْعَقْدِ الْبَاطِل وَالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَهُمَا عِنْدَهُمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ بَاطِلاً هَل يَنْقَلِبُ صَحِيحًا إِذَا رُفِعَ الْمُفْسِدُ أَمْ لاَ؟ فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْعَقْدَ لاَ يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِرَفْعِ الْمُفْسِدِ إِذْ لاَ عِبْرَةَ بِالْفَاسِدِ.


(١) كشاف القناع ٤ / ٤٦، والمهذب ١ / ٤٠٨، والمغني ٥ / ٥٣٥، والبدائع ٤ / ٢٠٥.