وَقَدْ يُقَال: أَيُّ عَلاَقَةٍ بَيْنَ إِرَاقَةِ الدَّمِ وَبَيْنَ شُكْرِ الْمُنْعِمِ عَزَّ وَجَل وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ؟ وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) أَنَّ هَذِهِ الإِْرَاقَةَ وَسِيلَةٌ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى النَّفْسِ وَأَهْل الْبَيْتِ، وَإِكْرَامِ الْجَارِ وَالضَّيْفِ، وَالتَّصَدُّقِ عَلَى الْفَقِيرِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مَظَاهِرُ لِلْفَرَحِ وَالسُّرُورِ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَى الإِْنْسَانِ، وَهَذَا تَحَدُّثٌ بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَال عَزَّ اسْمُهُ: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} . (١) (ثَانِيهِمَا) الْمُبَالَغَةُ فِي تَصْدِيقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَل مِنْ أَنَّهُ خَلَقَ الأَْنْعَامَ لِنَفْعِ الإِْنْسَانِ، وَأَذِنَ فِي ذَبْحِهَا وَنَحْرِهَا لِتَكُونَ طَعَامًا لَهُ. فَإِذَا نَازَعَهُ فِي حِل الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ مُنَازِعٌ تَمْوِيهًا بِأَنَّهُمَا مِنَ الْقَسْوَةِ وَالتَّعْذِيبِ لِذِي رُوحٍ تَسْتَحِقُّ الرَّحْمَةَ وَالإِْنْصَافَ، كَانَ رَدُّهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل الَّذِي خَلَقَنَا وَخَلَقَ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ، وَأَمَرَنَا بِرَحْمَتِهَا وَالإِْحْسَانِ إِلَيْهَا، أَخْبَرَنَا وَهُوَ الْعَلِيمُ بِالْغَيْبِ أَنَّهُ خَلَقَهَا لَنَا وَأَبَاحَ تَذْكِيَتَهَا، وَأَكَّدَ هَذِهِ الإِْبَاحَةَ بِأَنْ جَعَل هَذِهِ التَّذْكِيَةَ قُرْبَةً فِي بَعْضِ الأَْحْيَانِ.
حُكْمُ الأُْضْحِيَّةِ:
٧ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَمِنْهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَإِحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إِلَى أَنَّ الأُْضْحِيَّةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. وَهَذَا قَوْل أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَبِلاَلٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٍ وَعَلْقَمَةَ وَالأَْسْوَدِ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ.
(١) سورة الضحى / ٨
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute