الْمُعْجِزِ مُعْجِزًا وَاجِبٌ، وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ فَهُوَ وَاجِبٌ. قَال: فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ بِالسِّحْرِ وَاجِبًا فَكَيْفَ يَكُونُ قَبِيحًا أَوْ حَرَامًا؟ (١) .
النَّشْرَةُ، أَوْ حَل السِّحْرِ عَنِ الْمَسْحُورِ:
١٤ - يُحَل السِّحْرُ عَنِ الْمَسْحُورِ بِطَرِيقَتَيْنِ:
الأُْولَى: أَنْ يُحَل بِالرُّقَى الْمُبَاحَةِ وَالتَّعَوُّذِ الْمَشْرُوعِ، كَالْفَاتِحَةِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَالاِسْتِعَاذَاتِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ غَيْرِ الْمَأْثُورَةِ وَلَكِنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْمَأْثُورِ، فَهَذَا النَّوْعُ جَائِزٌ إِجْمَاعًا. وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سُحِرَ، اسْتَخْرَجَ الْمُشْطَ وَالْمِشَاطَةَ اللَّتَيْنِ سُحِرَ بِهِمَا، ثُمَّ كَانَ يَقْرَأُ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ، فَشَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يُحَل السِّحْرُ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ. وَهَذَا النَّوْعُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الأَْوَّل - أَنَّهُ حَرَامٌ لاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ سِحْرٌ وَتَنْطَبِقُ عَلَيْهِ أَدِلَّةُ تَحْرِيمِ السِّحْرِ الْمُتَقَدِّمُ بَيَانُهَا. وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَيِّمِ. وَتَوَقَّفَ فِيهِ أَحْمَدُ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ: لاَ يَحُل السِّحْرَ إِلاَّ سَاحِرٌ، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ سُئِل عَنِ امْرَأَةٍ يُعَذِّبُهَا السَّحَرَةُ، فَقَال رَجُلٌ: أَخُطُّ خَطًّا عَلَيْهَا وَأَغْرِزُ السِّكِّينَ عِنْدَ مَجْمَعِ الْخَطِّ وَأَقْرَأُ الْقُرْآنَ. فَقَال مُحَمَّدٌ: مَا أَعْلَمُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بَأْسًا، وَلاَ أَدْرِي
(١) تفسير الرازي ٣ / ٢٣٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute