الْعَادَةِ فَلاَ يَقَعُ التَّكْلِيفُ بِهِ شَرْعًا، وَإِنْ جَازَ عَقْلاً، فَتَكْلِيفُ مَا لاَ يُطَاقُ يُسَمَّى مَشَقَّةً مِنْ حَيْثُ كَانَ تَكَلُّفُ الإِْنْسَانِ نَفْسَهُ بِحَمْلِهِ مُوقِعًا فِي عَنَاءٍ وَتَعَبٍ لاَ يُجْدِي، كَالْمُقْعَدِ إِذَا تَكَلَّفَ الْقِيَامَ، وَالإِْنْسَانُ إِذَا تَكَلَّفَ الطَّيَرَانَ فِي الْهَوَاءِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَحِينَ اجْتَمَعَ مَعَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ الشَّاقُّ الْحَمْل إِذَا تَحَمَّل فِي نَفْسِ الْمَشَقَّةِ سُمِّيَ الْعَمَل شَاقًّا وَالتَّعَبُ فِي تَكَلُّفِ حَمْلِهِ مَشَقَّةٌ (١) .
الْوَجْهُ الثَّانِي: الْمَشَقَّةُ الَّتِي تُطَاقُ لَكِنْ فِيهَا شِدَّةٌ:
٨ - الْمَشَقَّةُ الَّتِي تُطَاقُ وَيُمْكِنُ احْتِمَالُهَا، لَكِنْ فِيهَا شِدَّةٌ، وَهَذَا الْوَجْهُ يَكُونُ خَاصًّا بِالْمَقْدُورِ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنِ الْمُعْتَادِ فِي الأَْعْمَال الْعَادِيَةِ، بِحَيْثُ يُشَوِّشُ عَلَى النَّفُوسِ فِي تَصَرُّفِهَا وَيُقْلِقُهَا فِي الْقِيَامِ بِمَا فِيهِ تِلْكَ الْمَشَقَّةُ.
إِلاَّ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الْمَشَقَّةُ مُخْتَصَّةً بِأَعْيَانِ الأَْفْعَال الْمُكَلَّفِ بِهَا، بِحَيْثُ لَوْ وَقَعَتْ مَرَّةً وَاحِدَةً لَوُجِدَتْ فِيهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ الرُّخَصُ الْمَشْهُورَةُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ، كَالصَّوْمِ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ، وَالإِْتْمَامِ فِي السَّفَرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
(١) الموافقات للشاطبي ٢ / ١٠٧، ١١٩ - ١٢٠، ومسلم الثبوت ١ / ١٢٣، وقواعد الأحكام للعز بن عبد السلام ٢ / ٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute