للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَرْتِيبُ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ:

٢٥ - ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الدَّلِيل عَلَى الْقِبْلَةِ فِي الْمَفَاوِزِ وَالْبِحَارِ النُّجُومُ كَالْقُطْبِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لِوُجُودِ غَيْمٍ أَوْ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْأَل عَالِمًا بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَسْأَلُهُ أَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ الْمَسْئُول عَنْهَا فَيَتَحَرَّى.

وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَتْ الأَْدِلَّةُ عَلَى الْقِبْلَةِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ خَبَرِ جَمْعٍ بَلَغَ عَدَدُهُمْ حَدَّ التَّوَاتُرِ، لإِِفَادَتِهِ الْيَقِينَ، ثُمَّ الإِْخْبَارُ عَنْ عِلْمٍ بِرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ رُؤْيَةُ الْمَحَارِيبِ الْمُعْتَمَدَةِ، ثُمَّ رُؤْيَةُ الْقُطْبِ.

وَأَمَّا بَيْتُ الإِْبْرَةِ فَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الاِجْتِهَادِ.

وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ خَبَرَ الْمُخْبِرِ عَنْ يَقِينٍ مُقَدَّمٌ عَلَى الاِجْتِهَادِ. (١)

تَعَلُّمُ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ:

٢٦ - تَعَلُّمُ الْعَلاَمَاتِ الَّتِي تُعْرَفُ بِهَا الْقِبْلَةُ مَطْلُوبٌ شَرْعًا، وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ بِأَنَّ هَذَا وَاجِبٌ عَلَى سَبِيل الْكِفَايَةِ. وَقَدْ يُصْبِحُ تَعَلُّمُ هَذِهِ الْعَلاَمَاتِ وَاجِبًا عَيْنِيًّا، كَمَنْ سَافَرَ سَفَرًا يَجْهَل مَعَهُ اتِّجَاهَ الْقِبْلَةِ، وَيَقِل فِيهَا الْعَارِفُونَ بِهَا، وَكَانَتْ عِنْدَهُ قُدْرَةٌ عَلَى تَعَلُّمِ هَذِهِ الْعَلاَمَاتِ، وَكُل ذَلِكَ تَحْقِيقًا لإِِصَابَةِ الْقِبْلَةِ.

وَهَل يَجُوزُ تَعَلُّمُهَا مِنْ كَافِرٍ؟ قَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ لاَ تَمْنَعُ ذَلِكَ. لأَِنَّهُ لاَ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي اتِّجَاهِ الْقِبْلَةِ، وَإِنَّمَا


(١) رد المحتار ١ / ٢٨٨، والدسوقي ١ / ٢٢٧، ونهاية المحتاج ١ / ٤٢٢ - ٤٢٤، والمغني ١ / ٤٨٠، والشرح الكبير مع المغني ١ / ٤٩٤.