للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْقِبْلَةِ:

أَوَّلاً: تَشْرِيعُ التَّوَجُّهِ فِي الصَّلاَةِ إلَى الْكَعْبَةِ:

٤ - كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ، فَفَرِحَتِ الْيَهُودُ بِذَلِكَ، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ قِبْلَةَ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ يَدْعُو اللَّهَ، وَيَنْظُرُ إلَى السَّمَاءِ، رَجَاءَ أَنْ يَنْزِل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ بِاَلَّذِي سَأَل، فَأَنْزَل اللَّهُ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَل وَجْهَك شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} . (١) أَيْ حَوِّل وَجْهَك نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَارْتَابَ الْيَهُودُ، فَأَنْشَئُوا يَقُولُونَ: قَدِ اشْتَاقَ الرَّجُل إلَى بَيْتِ أَبِيهِ، وَمَا لَهُمْ حَتَّى تَرَكُوا قِبْلَتَهُمْ، يُصَلُّونَ مَرَّةً وَجْهًا وَمَرَّةً وَجْهًا آخَرَ؟ وَفَرِحَ الْمُشْرِكُونَ، وَقَالُوا: إنَّ مُحَمَّدًا قَدِ الْتَبَسَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ، وَيُوشِكُ أَنْ يَكُونَ عَلَى دِينِكُمْ، وَقَال الْمُنَافِقُونَ: مَا بَالُهُمْ كَانُوا عَلَى قِبْلَةٍ زَمَانًا، ثُمَّ تَرَكُوهَا، وَتَوَجَّهُوا إلَى غَيْرِهَا، وَقَال الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْل مَكَّةَ: تَحَيَّرَ عَلَى مُحَمَّدٍ دِينُهُ فَتَوَجَّهَ بِقِبْلَتِهِ إلَيْكُمْ، وَعَلِمَ أَنَّكُمْ أَهْدَى مِنْهُ، وَيُوشِكُ أَنْ يَدْخُل فِي دِينِكُمْ، فَأَنْزَل اللَّهُ الآْيَاتِ: {سَيَقُول السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ


(١) سورة البقرة / ١٤٤.