وَيُصَرِّحُ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّل إِنْسَانًا يَبِيعُ لَهُ عَيْنًا وَأَطْلَقَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ إِلاَّ بِإِذْنٍ، عَمَلاً بِالْعُرْفِ، وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ؛ لأَِنَّ الشَّرِيكَ وَالْوَكِيل لَهُمَا التَّصَرُّفُ بِلاَ ضَرَرٍ، كَمَا أَنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ وَالْوِكَالَةِ لاَ يُتِيحُ لَهُمَا الْبَيْعَ بِنَسِيئَةٍ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحْشٍ إِلاَّ بِإِذْنٍ (١) .
تَعَيُّنُ النُّقُودِ بِالتَّعْيِينِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ:
٣٢ - يَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَنَّ النُّقُودَ الذَّهَبِيَّةَ وَالْفِضِّيَّةَ، وَكَذَا الْفُلُوسُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، تَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ بِالتَّعْيِينِ كَمَا تَتَعَيَّنُ السِّلَعُ، فَلَوِ اشْتَرَى شَاةً بِهَذَا الدِّينَارِ لَزِمَهُ أَدَاءُ ذَلِكَ الدِّينَارِ بِعَيْنِهِ إِلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ الدِّينَارَ مَغْصُوبًا أَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْل قَبْضِ الْبَائِعِ لَهُ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لأَِنَّ الثَّمَنَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ، فَيَتَعَيَّنُ قِيَاسًا عَلَى الْمَبِيعِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ النُّقُودَ لاَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ؛ لأَِنَّهُ يَجُوزُ إِطْلاَقُهَا فِيهِ، كَالْمِكْيَال وَالصَّنْجَةِ، وَلأَِنَّ الثَّمَنَ اسْمٌ لِمَا فِي الذِّمَّةِ، فَلاَ
(١) القليوبي ٢ / ٣٤١، ٣٣٥، والمغني ٥ / ١٢٣، ٣٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute