غَسْل اللِّحْيَةِ فِي الْوُضُوءِ
١٥ - تَتَّفِقُ الْمَذَاهِبُ الأَْرْبَعَةُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ غَسْل بَشَرَةِ الْوَجْهِ مِنْ شَعْرِ اللِّحْيَةِ إِنْ كَانَ خَفِيفًا تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ مِنْ تَحْتِهِ، فَيَغْسِل الْبَشَرَةَ وَيَغْسِل اللِّحْيَةَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَالْمُرَادُ بِظُهُورِ الْبَشَرَةِ ظُهُورُهَا فِي مَجْلِسِ الْمُخَاطَبَةِ، وَوَجْهُ الْوُجُوبِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ فِي الْوُضُوءِ غَسْل الْوَجْهِ، وَالْوَجْهُ مِنَ الْمُوَاجَهَةِ، وَالْمُوَاجَهَةُ تَحْصُل فِي اللِّحْيَةِ ذَاتِ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ بِبَشَرَةِ الْوَجْهِ وَبِالشَّعْرِ الَّذِي عَلَيْهَا.
وَهَذَا الاِتِّفَاقُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا كَانَ مِنَ الشَّعْرِ فِي حَيِّزِ دَائِرَةِ الْوَجْهِ، دُونَ الْمُسْتَرْسِل مِنَ اللِّحْيَةِ تَحْتَ الذَّقْنِ طُولاً، وَدُونَ الْخَارِجِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ عَرْضًا، فَإِنَّ فِي هَذَا خِلاَفًا يَأْتِي بَيَانُهُ (١) .
أَمَّا اللِّحْيَةُ الْكَثِيفَةُ فَتَتَّفِقُ الأَْقْوَال الْمُعْتَمَدَةُ فِي الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ فِي الْوُضُوءِ غَسْل بَاطِنِهَا وَلاَ إِيصَال الْمَاءِ إِلَى الْبَشَرَةِ وَمَنَابِتِ الشَّعْرِ، لِعَدَمِ حُصُول الْمُوَاجَهَةِ بِهِ لأَِنَّهُ لاَ يُرَى فِي مَجْلِسِ الْمُخَاطَبَةِ، فَلاَ يَكُونُ مِنَ الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِغَسْلِهِ، وَفِي نَيْل الْمَآرِبِ: لَوِ اجْتَزَأَ بِغَسْل بَاطِنِهَا عَنْ غَسْل ظَاهِرِهَا لَمْ
(١) الفتاوى الهندية ١ / ٤، وحاشية ابن عابدين ١ / ٦٨ - ٦٩، والدسوقي على الشرح الكبير ١ / ٨٦، والذخيرة للقرافي ١ / ٢٤٩، وشرح المحلي على المنهاج وحاشية القليوبي ١ / ٤٨، والمغني لابن قدامة ١ / ١١٦ - ١١٧، وشرح المنتهى ١ / ٥٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute