وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ يَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لأَِنَّ يَدَهُ يَدُ ضَمَانٍ عِنْدَهُمْ، وَإِذَا رَدَّ الْمُتَصَرِّفُ لَهُ الشَّيْءَ إِلَى الْغَاصِبِ بَرِئَ مِنَ الضَّمَانِ.
وَأَمَّا غَاصِبُ الْغَاصِبِ فَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ كَالْغَاصِبِ الأَْوَّل، وَمَنْ غَصَبَ طَعَامًا فَأَطْعَمَهُ غَيْرَهُ، فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ؛ لأَِنَّ الْغَاصِبَ حَال بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ، وَالآْكِل أَتْلَفَ مَال غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَقَبَضَهُ عَنْ يَدِ ضَامِنِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ، فَإِنْ كَانَ الآْكِل عَالِمًا بِالْغَصْبِ، اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، لِكَوْنِهِ أَتْلَفَ مَال غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ عَالِمًا مِنْ غَيْرِ تَغْرِيرٍ، وَإِذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ضَمِنَ الآْكِل لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الآْكِل بِالْغَصْبِ، اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَى الآْكِل فِي رِوَايَةٍ؛ لأَِنَّهُ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى أَحَدٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَهِيَ ظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ: يَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لأَِنَّهُ غَرَّ الآْكِل وَأَطْعَمَهُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَضْمَنُهُ. (١)
تَمَلُّكُ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ بِالضَّمَانِ:
٣٠ - لِلْفُقَهَاءِ اتِّجَاهَانِ فِي تَمَلُّكِ الْغَاصِبِ
(١) المغني والشرح الكبير ٥ / ٤١٣ - ٤١٩، كشاف القناع ٤ / ١٢٠ وما بعدها، القواعد لابن رجب ص ٢١٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute