وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الشَّهْرَ اسْمٌ لأَِيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ فَلاَ يُجْزِئُ مَنْ نَذَرَ صِيَامَهُ إِلاَّ أَنْ يَصُومَهُ مُتَتَابِعًا، وَبِأَنَّ إِطْلاَقَ الشَّهْرِ يَقْتَضِي التَّتَابُعَ فَلاَ يُصَامُ إِلاَّ عَلَى هَذَا النَّحْوِ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا نَوَى التَّتَابُعَ فِي صِيَامِهِ (١) .
نَذْرُ صِيَامِ شَهْرٍ يَبْتَدِئُ مِنْ يَوْمِ قُدُومِ غَائِبٍ فَوَافَقَ قُدُومُهُ غُرَّةَ رَمَضَانَ:
٣٠ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَنْ نَذَرَ صِيَامَ شَهْرٍ يَبْتَدِئُ مِنْ يَوْمِ قُدُومِ غَائِبٍ فَوَافَقَ قُدُومُهُ غُرَّةَ رَمَضَانَ عَلَى اتِّجَاهَيْنِ:
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: يَرَى أَصْحَابُهُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ ذَلِكَ فَإِنَّ نَذْرَهُ مُنْعَقِدٌ؛ لإِِمْكَانِ الْوَفَاءِ بِهِ إِنْ عَلِمَ أَنَّ الْقَادِمَ غَدًا أَوْ نَحْوَهُ فَيَنْوِي الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْل، وَيُجْزِئُ صِيَامُهُ هَذَا عَنْ رَمَضَانَ، وَلاَ يَلْزَمُهُ صَوْمٌ آخَرُ لِلنَّذْرِ، وَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ.
وَهَذَا الاِتِّجَاهُ هُوَ قِيَاسُ قَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعِكْرِمَةَ فِي الصَّرُورَةِ الَّذِي نَذَرَ الْحَجَّ: إِذْ قَالاَ: يُجْزِئُ حَجُّهُ لَهُمَا جَمِيعًا، أَيْ لِلْفَرْضِ وَالنَّذْرِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ قَوْل الْخِرَقِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَقِيَاسُ قَوْل أَحْمَدَ
(١) الكافي ٤ / ٤٢٥، والمغني ٩ / ٢٧، وكشاف القناع ٦ / ٢٨١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute