الأَْمْرُ الأَْوَّل: مَنْفَعَةُ الْعَامِل، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الأَْرْضِ، لأَِنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْعَامِل لِيَزْرَعَ لَهُ أَرْضَهُ بِنِسْبَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الْمَحْصُول.
الأَْمْرُ الثَّانِي: مَنْفَعَةُ الأَْرْضِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنَ الْعَامِل، لأَِنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلأَْرْضِ بِجُزْءٍ مِنْ نَمَائِهَا يَدْفَعُهُ لِصَاحِبِهَا.
وَإِذَا اجْتَمَعَا فِي الاِسْتِئْجَارِ فَسَدَتِ الْمُزَارَعَةُ.
أَمَّا مَنْفَعَةُ الْمَاشِيَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الآْلاَتِ اللاَّزِمَةِ لِلزِّرَاعَةِ فَإِنَّهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ تَابِعَةً لِلْعَقْدِ، أَوْ مَقْصُودَةً بِذَاتِهَا، فَإِنْ جُعِلَتْ تَابِعَةً لَهُ جَازَتِ الْمُزَارَعَةُ، وَإِنْ جُعِلَتْ مَقْصُودَةً فَسَدَتْ.
وَوَجْهُ عَدَمِ جِوَازِ جَعْل مَنْفَعَةِ الْمَاشِيَةِ مَقْصُودَةً فِي الْعَقْدِ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ تَنْعَقِدُ إِجَارَةً ثُمَّ تَتِمُّ شَرِكَةً، وَلاَ يُتَصَوَّرُ انْعِقَادُ الشَّرِكَةِ بَيْنَ مَنْفَعَةِ الْمَاشِيَةِ وَبَيْنَ مَنْفَعَةِ الْعَامِل، وَأَنَّ جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ ثَبَتَ بِالنَّصِّ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا سَبَقَ - لأَِنَّ الأُْجْرَةَ مَعْدُومَةٌ وَهِيَ مَعَ انْعِدَامِهَا مَجْهُولَةٌ فَيَقْتَصِرُ جَوَازُهَا عَلَى الْمَحَل الَّذِي وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ، وَذَلِكَ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الآْلَةُ تَابِعَةً، فَإِذَا جُعِلَتْ مَقْصُودَةً يَرُدُّ إِلَى الْقِيَاسِ (١) .
(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٧٩ - ١٨٠، والمبسوط ٢٣ / ٢٠، ١٠٨، وتبيين الحقائق ٥ / ٢٨٠، ٢٨١، والفتاوى الهندية ٥ / ٢٣٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute