الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ، وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَلاَةً أَوْ صَوْمًا أَوِ اعْتِكَافًا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَعَجَزَ عَنْ أَدَاءِ هَذِهِ الْقُرَبِ فِيهِ، لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لِلتَّأْخِيرِ عَنْ هَذَا الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنْ نَذَرَ صَدَقَةً فَأَعْسَرَ بِهَا سَقَطَ عَنْهُ النَّذْرُ مَا دَامَ مُعْسِرًا فَإِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَ أَدَاؤُهَا، وَإِنْ نَذَرَ حَجًّا فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَمَنَعَهُ مَرَضٌ أَوْ نَحْوُهُ قَبْل الإِْحْرَامِ، فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لاَ قَضَاءَ لَوْ كَانَ مَعْضُوبًا وَقْتَ النَّذْرِ أَوْ طَرَأَ الْعَضْبُ، وَلَمْ يَجِدِ الْمَال حَتَّى مَضَتِ السَّنَةُ الْمُعَيَّنَةُ، فَإِنْ مَنَعَهُ الْمَرَضُ بَعْدَ الإِْحْرَامِ فَالْمَذْهَبُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا امْتَنَعَ الْحَجُّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ بَعْدَ الاِسْتِطَاعَةِ (١) وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلاَةَ يَجِبَانِ شَرْعًا مَعَ الْعَجْزِ، وَالْوَاجِبُ بِالنَّذْرِ كَالْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ، فَلاَ أَثَرَ لِعَجْزِ النَّاذِرِ عَنْهُمَا فِي وُجُوبِهِمَا عَلَيْهِ، وَلِهَذَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُمَا إِنْ عَيَّنَ وَقْتًا لِلأَْدَاءِ، بِخِلاَفِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لاَ يَجِبُ إِلاَّ عِنْدَ وُجُودِ الاِسْتِطَاعَةِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الإِْسْلاَمِ أَوِ الْحَجَّةُ الْمَنْذُورَةُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، إِنْ مَنَعَ ذَلِكَ مَانِعٌ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهِ؛ لاِسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ بِتَمَكُّنِهِ هَذَا،
(١) روضة الطالبين ٣ / ٣٢٢، ونهاية المحتاج وحاشية الشبراملسي عليه ٨ / ٢٣١، وزاد المحتاج ٤ / ٥٠٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute