بَيَانُ سَبَبِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيل:
١٥ - قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَالْمَالِكِيَّةُ: يُقْبَل الْجَرْحُ الْمُطْلَقُ، وَهُوَ: أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ فَاسِقٌ، أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدْلٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ مِثْلُهُ؛ لأَِنَّ التَّعْدِيل يُسْمَعُ مُطْلَقًا فَكَذَلِكَ الْجَرْحُ؛ لأَِنَّ التَّصْرِيحَ بِالسَّبَبِ يَجْعَل الْمُجَرَّحَ فَاسِقًا، وَيُوجِبُ عَلَيْهِ الْحَدَّ فِي بَعْضِ الْحَالاَتِ. وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَى، فَيُفْضِي الْجَرْحُ إِلَى جَرْحِ الْجَارِحِ، وَتَبْطُل شَهَادَتُهُ، وَلاَ يَتَجَرَّحُ بِهَا الْمَجْرُوحُ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ الْجَرْحِ لِلاِخْتِلاَفِ فِيهِ، بِخِلاَفِ سَبَبِ التَّعْدِيل. وَاسْتَدَل مَنْ قَالُوا بِاشْتِرَاطِ بَيَانِ سَبَبِ الْجَرْحِ بِأَنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَسْبَابِ الْجَرْحِ، كَاخْتِلاَفِهِمْ فِي شَارِبِ النَّبِيذِ، فَوَجَبَ أَلاَّ يُقْبَل مُجَرَّدُ الْجَرْحِ؛ لِئَلاَّ يُجَرِّحَهُ بِمَا لاَ يَرَاهُ الْقَاضِي جَرْحًا؛ وَلأَِنَّ الْجَرْحَ يَنْقُل عَنِ الأَْصْل، فَإِنَّ الأَْصْل فِي الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ وَالْجَرْحُ يَنْقُل عَنْهَا، فَلاَ بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ النَّاقِل؛ لِئَلاَّ يَعْتَقِدَ نَقْلَهُ عَنْ أَصْل الْعَدَالَةِ بِمَا لاَ يَرَاهُ الْحَاكِمُ نَاقِلاً. (١)
الْفَرْقُ بَيْنَ شُهُودِ الدَّعْوَى وَشُهُودِ التَّزْكِيَةِ:
١٦ - يَخْتَلِفُ شُهُودُ التَّزْكِيَةِ عَنْ شُهُودِ الدَّعْوَى فِي أُمُورٍ، وَيَتَّفِقَانِ فِي أُمُورٍ:
فَيَتَّفِقَانِ فِي الْجُمْلَةِ فِي اشْتِرَاطِ الْعَقْل الْكَامِل
(١) معين الحكام ص ١٠٥، والمغني ٩ / ٦٨ - ٦٩، وتبصرة الحكام ١ / ٤٥٨، وقليوبي وعميرة ٤ / ٣٠٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute