أ - مُعَامَلَةُ الْمُضَارِبِ الْمَالِكَ بِمَال الْمُضَارَبَةِ
٤٢ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُعَامَلَةِ الْمُضَارِبِ الْمَالِكَ بِمَال الْمُضَارَبَةِ. فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ مَا نُقِل عَنْ أَحْمَدَ: يَجُوزُ شِرَاءُ رَبِّ الْمَال مِنَ الْمُضَارِبِ وَشِرَاءُ الْمُضَارِبِ مِنْ رَبِّ الْمَال وَإِِِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ، لأَِنَّ لِرَبِّ الْمَال فِي مَال الْمُضَارَبَةِ مِلْكَ رَقَبَةٍ لاَ مِلْكَ تَصَرُّفٍ، وَمِلْكُهُ فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ كَمِلْكِ الأَْجْنَبِيِّ، وَلِلْمُضَارِبِ فِيهِ مِلْكُ التَّصَرُّفِ لاَ الرِّقْبَةِ، فَكَانَ فِي حَقِّ مِلْكِ الرِّقْبَةِ كَمِلْكِ الأَْجْنَبِيِّ حَتَّى لاَ يَمْلِكَ رَبُّ الْمَال مَنْعَهُ عَنِ التَّصَرُّفِ، فَكَانَ مَال الْمُضَارَبَةِ فِي حَقِّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَال الأَْجْنَبِيِّ لِذَلِكَ جَازَ الشِّرَاءُ بَيْنَهُمَا.
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ جَوَازَ شِرَاءِ رَبِّ الْمَال مِنَ الْعَامِل شَيْئًا مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ بِصِحَّةِ الْقَصْدِ، بِأَنْ لاَ يَتَوَصَّل إِِلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنَ الرِّبْحِ قَبْل الْمُفَاصَلَةِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ كَمَا يَشْتَرِي مِنَ النَّاسِ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ، قَال الْبَاجِيُّ: وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِنَقْدِ أَوْ بِأَجَل، وَقَال الدُّسُوقِيُّ: وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِِِلاَّ مُنِعَ.
وَقَالُوا: يَجُوزُ شِرَاءُ الْعَامِل مِنْ رَبِّ الْمَال سِلَعًا لِنَفْسِهِ لاَ لِتِجَارَةِ الْمُضَارَبَةِ (١) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَزُفَرُ: لاَ يُعَامِل الْمُضَارِبُ
(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٠١، وحاشية الدسوقي ٣ / ٥٢٦، ٥٢٨، والتاج والإكليل ٥ / ٣٦٥، والإنصاف ٥ / ٤٣٨ - ٤٣٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute