٣٧ - الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ فِي ذِمَّةِ رَجُلٍ ذَهَبٌ وَلِلآْخَرِ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ مَثَلاً، فَاصْطَرَفَا بِمَا فِي ذِمَّتَيْهِمَا. وَلُقِّبَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِالصَّرْفِ فِي الذِّمَّةِ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الصَّرْفِ، وَعَلَّلُوا عَدَمَ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ بِالإِْجْمَاعِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَفُسِّرَ بِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (١) .
٣٨ - وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: صَحَّ بَيْعُ مَنْ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ دَيْنٌ بِدِينَارٍ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ، أَيْ مِنْ دَائِنِهِ، فَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ دَيْنٌ، فَبَاعَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَشَرَةُ دِينَارًا بِالْعَشَرَةِ الَّتِي عَلَيْهِ، وَدَفَعَ الدِّينَارَ إِلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ. وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الْعَشْرَتَيْنِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَلاَ تَحْتَاجُ إِلَى مُوَافَقَةٍ أُخْرَى.
وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّهُ جَعَل ثَمَنَهُ دَرَاهِمَ لاَ يَجِبُ قَبْضُهَا، وَلاَ تَعَيُّنُهَا بِالْقَبْضِ؛ لأَِنَّ التَّعْيِينَ لِلاِحْتِرَازِ عَنِ الرِّبَا، أَيْ: رِبَا النَّسِيئَةِ، وَلاَ
(١) الروضة ٣ / ٥١٦، ومغني المحتاج ٢ / ٢٥، والمغني لابن قدامة ٤ / ٥٣، ٥٤، وكشاف القناع ٣ / ٢٧٠. وحديث: " نهى عن بيع الكالئ بالكالئ " أخرجه البيهقي (٥ / ٢٩٠ - ط. دار المعارف العثمانية) وضعفه ابن حجر في بلوغ المرام (ص١٩٣ - ط عبد المجيد حنفي) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute