يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا، بَل إِمَّا أَنْ يَفْعَلُوهُمَا جَمِيعًا، أَوْ يَتْرُكُوهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُؤْمَرُوا بِمَعْرُوفٍ وَلاَ أَنْ يُنْهَوْا عَنْ مُنْكَرٍ، بَل يُنْظَرُ، فَإِِنْ كَانَ الْمَعْرُوفُ أَكْثَرَ أُمِرَ بِهِ، وَإِِنِ اسْتَلْزَمَ مَا هُوَ دُونَهُ مِنَ الْمُنْكَرِ وَلَمْ يُنْهَ عَنْ مُنْكَرٍ يَسْتَلْزِمُ تَفْوِيتَ مَعْرُوفٍ أَعْظَمَ مِنْهُ، بَل يَكُونُ النَّهْيُ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الصَّدِّ عَنْ سَبِيل اللَّهِ وَالسَّعْيِ فِي زَوَال طَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَزَوَال فِعْل الْحَسَنَاتِ، وَإِِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ أَغْلَبَ نُهِيَ عَنْهُ وَإِِنِ اسْتَلْزَمَ فَوَاتَ مَا هُوَ دُونَهُ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَيَكُونُ الأَْمْرُ بِذَلِكَ الْمَعْرُوفِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْمُنْكَرِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ أَمْرًا بِمُنْكَرٍ وَسَعْيًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَإِِنْ تَكَافَأَ الْمَعْرُوفُ وَالْمُنْكَرُ الْمُتَلاَزِمَانِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِمَا وَلَمْ يُنْهَ عَنْهُمَا. فَتَارَةً يَصْلُحُ الأَْمْرُ، وَتَارَةً يَصْلُحُ النَّهْيُ، وَتَارَةً لاَ يَصْلُحُ لاَ أَمْرٌ وَلاَ نَهْيٌ. وَإِِذَا اشْتَبَهَ الأَْمْرُ اسْتَبَانَ الْمُؤْمِنُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ، فَلاَ يُقْدِمُ عَلَى الطَّاعَةِ إِلاَّ بِعِلْمٍ وَنِيَّةٍ، وَإِِذَا تَرَكَهَا كَانَ عَاصِيًا، فَتَرْكُ الأَْمْرِ الْوَاجِبِ مَعْصِيَةٌ، وَفِعْل مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الأَْمْرِ مَعْصِيَةٌ وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ (١) .
حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْحِسْبَةِ:
٨ - مَا بَرِحَ النَّاسُ - فِي مُخْتَلَفِ الْعُصُورِ - فِي حَاجَةٍ إِِلَى مَنْ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا جَهِلُوا، وَيُذَكِّرُهُمْ إِذَا نَسُوا، وَيُجَادِلُهُمْ إِذَا ضَلُّوا، وَيَكُفُّ بَأْسَهُمْ إِذَا أَضَلُّوا، وَإِِذَا سَهُل تَعْلِيمُ الْجَاهِل، وَتَذْكِيرُ
(١) الحسبة لابن تيمية ٧٧ - ٧٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute