وَأَنَّهُ لَمَّا جَازَ الصِّيَامُ عَنِ الْمَيِّتِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالنَّذْرِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الاِعْتِكَافُ عَنْهُ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ لأَِنَّ كُلًّا مِنَ الصِّيَامِ وَالاِعْتِكَافِ كَفٌّ وَمَنْعٌ (١)
الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: يَرَى مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ يُطْعَمُ عَنْهُ، وَلاَ يُعْتَكَفُ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْل الثَّوْرِيِّ، وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُطْعَمُ عَنْهُ لِكُل يَوْمٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ إِنْ أَوْصَى النَّاذِرُ بِذَلِكَ، وَيُجْبَرُ الْوَارِثُ عَلَى إِخْرَاجِ الْفِدْيَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ ثُلُثِ التَّرِكَةِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ فَلاَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ الْوَارِثُ، وَهَذَا إِذَا كَانَ إِيجَابُ الاِعْتِكَافِ عَلَيْهِ بِالنَّذْرِ فِي حَال الصِّحَّةِ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ مَرِيضًا حِينَ نَذَرَ الاِعْتِكَافَ، وَلَمْ يَبْرَأْ حَتَّى مَاتَ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الْمَرِيضَ لَيْسَ لَهُ ذِمَّةٌ صَحِيحَةٌ فِي وُجُوبِ أَدَاءِ الاِعْتِكَافِ، وَإِنْ صَحَّ يَوْمًا ثُمَّ مَاتَ أُطْعِمَ عَنْهُ عَنْ جَمِيعِ الأَْيَّامِ الَّتِي نَذَرَ الاِعْتِكَافَ فِيهَا فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يُطْعَمُ عَنْهُ بِعَدَدِ مَا صَحَّ مِنْ أَيَّامٍ، وَهُوَ قِيَاسُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ
(١) مُغْنِي الْمُحْتَاجِ ١ / ٤٣٩، وَزَادُ الْمُحْتَاجِ ١ / ٥٢٧، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ ٢ / ٣٣٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute