الْوَكِيل فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا لأَِنَّهُ دَفَعَهُ إِلَيْهِ عَلَى احْتِمَال أَنْ يَكُونَ وَكِيلاً وَلَمْ يَرْضَ بِقَبْضِهِ إِلاَّ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ تَحْصِيلاً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُل وَانْقَطَعَ الرَّجَاءُ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُكَذِّبَهُ صَرِيحًا أَوْ يَسْكُتَ، لأَِنَّ عَدَمَ التَّصْدِيقِ يَشْمَل الصُّورَتَيْنِ وَزَعْمَهُ فِيمَا إِذَا كَذَّبَهُ أَنَّهُ قَبَضَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَنَّ قَبْضَهُ يُوجِبُ الضَّمَانَ.
وَكَذَا إِذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ، لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ التَّصْدِيقِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَدْفُوعَ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا قَبْل أَنْ يَحْضُرَ الطَّالِبُ، لأَِنَّ الْمُؤَدَّى صَارَ حَقًّا لِلطَّالِبِ.
أَمَّا إِذَا صَدَّقَهُ فَظَاهِرٌ، لأَِنَّهُمَا لاَ يَتَصَادَقَانِ ظَاهِرًا إِلاَّ عَلَى حَقٍّ. وَأَمَّا إِذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ فَلاِحْتِمَال أَنَّهُ وَكَّلَهُ، وَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْهُ يَحْتَمِل الإِْجَازَةَ مِنْهُ فَلاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَعَ بَقَاءِ هَذَا الاِحْتِمَالِ، وَلأَِنَّ مَنْ بَاشَرَ التَّصَرُّفَ لِغَرَضٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ مَا لَمْ يَقَعِ الْيَأْسُ مِنْهُ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ إِذَا دَفَعَهُ إِلَى فُضُولِيٍّ عَلَى رَجَاءِ الإِْجَازَةِ لَمْ يَمْلِكِ اسْتِرْدَادَهُ لاِحْتِمَال أَنْ يُجِيزَ.
وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْغَرِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ، أَوْ عَلَى إِقْرَارِهِ بِذَلِكَ لاَ تُقْبَل بَيِّنَتُهُ وَلاَ يَكُونُ لَهُ حَقُّ الاِسْتِرْدَادِ، وَلَوْ أَرَادَ اسْتِحْلاَفَهُ عَلَى ذَلِكَ لاَ يُسْتَحْلَفُ، لأَِنَّ كُل ذَلِكَ يَنْبَنِي عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ لِكَوْنِهِ سَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا أَوْجَبَهُ لِلْغَائِبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute