التَّصَرُّفُ فِي حُقُوقِ الاِرْتِفَاقِ:
٢٠ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الطَّرِيقَ نَوْعَانِ: نَافِذٌ، وَغَيْرُ نَافِذٍ. فَالطَّرِيقُ النَّافِذُ مُبَاحٌ لاَ يُمْلَكُ لأَِحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ فَتْحُ بَابِ مِلْكِهِ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ، فَلِلْعَامَّةِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا لاَ يَضُرُّ الْمَارَّةَ.
وَأَمَّا غَيْرُ النَّافِذِ فَهُوَ مِلْكُ مَنْ نَفَذَتْ أَبْوَابُهُمْ إِلَيْهِ، لاَ مَنْ لاَصَقَهُ جُدْرَانُهُمْ مِنْ غَيْرِ نُفُوذِ أَبْوَابِهِمْ إِلَيْهِ، فَمَنْ نَفَذَتْ أَبْوَابُهُمْ إِلَيْهِ فَهُمُ الْمُلاَّكُ وَهُمْ شُرَكَاءُ فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ إِشْرَاعُ جَنَاحٍ فِيهِ، أَوْ بَابٍ لِلاِسْتِطْرَاقِ إِلاَّ بِرِضَاهُمْ. وَهَذَا فِي الْمَذَاهِبِ الثَّلاَثَةِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
٢١ - وَقَدْ أَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بَيْعَ الشُّرْبِ، أَوْ بَعْضَهُ، وَبَيْعَ حُقُوقِ الأَْمْلاَكِ، كَحَقِّ الْمُرُورِ، وَحَقِّ الْمَجْرَى، وَحَقِّ التَّعَلِّي، لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ، وَجَوَّزُوا الْعَقْدَ عَلَى الْمَنَافِعِ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً، إِرْفَاقًا بِالنَّاسِ، لَكِنِ اشْتَرَطُوا فِي حَقِّ إِجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى السُّطُوحِ وَإِجَارَتِهِ وَإِعَارَتِهِ أَنْ تُعْرَفَ السُّطُوحُ الَّتِي يَجْرِي عَلَيْهَا وَمِنْهَا، كَمَا أَجَازُوا إِعَارَةَ الْعُلُوِّ مِنْ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ، وَإِجَارَتَهُ لِذَلِكَ كَسَائِرِ الأَْعْيَانِ الَّتِي تُعَارُ وَتُؤْجَرُ، فَإِنْ بَاعَهُ حَقَّ الْبِنَاءِ أَوِ الْعُلُوِّ الْمَعْلُومِ اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ عَلَيْهِ (١) .
٢٢ - أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ جَاءَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ أَنَّ الطُّرُقَ ثَلاَثَةٌ:
طَرِيقٌ إِلَى الطَّرِيقِ الأَْعْظَمِ، وَطَرِيقٌ إِلَى سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ، وَطَرِيقٌ خَاصٌّ فِي مِلْكِ إِنْسَانٍ، فَالأَْخِيرُ لاَ يَدْخُل فِي الْبَيْعِ بِلاَ ذِكْرِهِ أَوْ ذِكْرِ الْحُقُوقِ أَوِ
(١) تبصرة الحكام ٢ / ٣٦٦، والمدونة ٦ / ١٩٢، وأسنى المطالب والرملي ٢ / ٢١٩ - ٢٢٦، والمغني ٤ / ٥٤٧
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute