الاِعْتِبَارُ الشَّرْعِيُّ لِلْمُبْضَعِ وَتَصَرُّفَاتِهِ:
١١ - الْمُبْضَعُ أَمِينٌ فِيمَا يَقْبِضُهُ مِنْ رَبِّ الْمَال؛ لأَِنَّ عَقْدَ الإِْبْضَاعِ عَقْدُ أَمَانَةٍ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ إِلاَّ بِالإِْهْمَال أَوِ التَّعَدِّي. وَهُوَ وَكِيل رَبِّ الْمَال فِي مَالِهِ، يَنُوبُ عَنْهُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ التِّجَارِيَّةِ مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ مِمَّا فِيهِ إِنْمَاءٌ لِلْمَال، عَلَى مَا جَرَى بِهِ عُرْفُ التُّجَّارِ، دُونَ حَاجَةٍ إِلَى إِذْنٍ خَاصٍّ. لَكِنْ لَوْ أَبْضَعَهُ لآِخَرَ لِيَعْمَل فِيهِ عَلَى سَبِيل الإِْبْضَاعِ، فَهَذَا الصَّنِيعُ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ رَبِّ الْمَال قِيَاسًا عَلَى الْمُضَارَبَةِ.
وَكَذَلِكَ يَحْتَاجُ إِلَى الإِْذْنِ مِنْ رَبِّ الْمَال مَا كَانَ خَارِجًا مِنَ الأَْعْمَال عَنْ عَادَةِ التُّجَّارِ، كَالإِْقْرَاضِ وَالتَّبَرُّعَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ مِنْ رَأْسِ الْمَال الْمُخَصَّصِ لأَِغْرَاضِ الإِْنْمَاءِ وَالتِّجَارَةِ.
شِرَاءُ الْمُبْضَعِ الْمَال لِنَفْسِهِ:
١٢ - إِذَا دَفَعَ رَبُّ الْمَال الْمَال لِلْعَامِل بِضَاعَةً، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ لِنَفْسِهِ، شَأْنُهُ شَأْنُ الْمُقَارِضِ (الْمُضَارِبِ) ، فَإِنَّ الْمَال إِنَّمَا دُفِعَ لِلْعَامِل فِي الْمُضَارَبَةِ وَالإِْبْضَاعِ عَلَى طَلَبِ الْفَضْل فِيهِ، فَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ وَلاَ لِلْمُبْضَعِ أَنْ يَجْعَلاَ ذَلِكَ لأَِنْفُسِهِمَا دُونَ رَبِّ الْمَال. (١)
وَقَدْ نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُبْضَعَ (الْعَامِل) إِذَا ابْتَاعَ لِنَفْسِهِ، أَنَّ صَاحِبَ الْمَال مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مَا ابْتَاعَ لِنَفْسِهِ، أَوْ يُضَمِّنَهُ رَأْسَ الْمَال؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا دَفَعَ الْمَال عَلَى النِّيَابَةِ عَنْهُ وَابْتِيَاعِ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَكَانَ أَحَقَّ بِمَا ابْتَاعَهُ. وَهَذَا إِذَا ظَفِرَ بِالأَْمْرِ قَبْل بَيْعِ مَا ابْتَاعَهُ،
(١) مواهب الجليل ٥ / ٢٥٥
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute