وَإِلاَّ وَجَبَ عَلَيْهَا التَّصَدُّقُ بِهِ.
لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَصَرُوا هَذَا الْحُكْمَ عَلَى حَالَةِ اشْتِرَاطِ الأُْجْرَةِ فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ أُعْطِيَتِ النَّائِحَةُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَهُوَ لَهَا، لَكِنَّهُمْ قَالُوا: الْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ، فَلاَ يَحِل لَهَا مَا تَأْخُذُهُ إِذَا كَانَتِ الْعَادَةُ جَارِيَةً عَلَى إِعْطَاءِ النَّوَائِحِ أَجْرًا عَلَى نِيَاحَتِهِنَّ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ الأَْخْذُ بِهِ فِي زَمَانِنَا لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ لاَ يَذْهَبُونَ إِلاَّ بِأَجْرٍ.
ثُمَّ قَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ تَحْرُمُ الإِْجَارَةُ عَلَى كِتَابَةِ النَّوْحِ؛ لأَِنَّ الْمَمْنُوعَ هُوَ النَّوْحُ نَفْسُهُ لاَ كِتَابَتُهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى تَحْرِيمِ الإِْجَارَةِ عَلَى كِتَابَةِ النَّوْحِ؛ لأَِنَّهَا انْتِفَاعٌ بِمُحَرَّمٍ، فَلاَ يَجُوزُ (١) .
و النِّيَاحَةُ عَلَى فِعْل الْمَعَاصِي:
١٣ - أَشَارَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ نِيَاحَةَ الْمُسْلِمِ عَلَى مَا اقْتَرَفَ مِنَ الْمَعَاصِي جَائِزَةٌ، بَل هِيَ نَوْعٌ مِنَ الْعِبَادَةِ؛ لأَِنَّ فِيهَا إِظْهَارَ النَّدَمِ
(١) بدائع الصنائع ٤ / ١٨٩، وحاشية ابن عابدين ٥ / ٣٤، والاختيار ٢ / ٦٠، والبيان والتحصيل ١٣ / ١٣٩، والشرح الكبير ٤ / ٢١، وبداية المجتهد ٢ / ٢٣٩، والمغني ٦ / ١٣٤، والمهذب ١ / ٥١٧ طبعة مصطفى البابي الحلبي، ومغني المحتاج ٢ / ٣٣٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute