رَهْنُ النُّقُودِ:
٤١ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ رَهْنِ النُّقُودِ.
ثُمَّ إِنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: إِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِ الاِسْتِيفَاءِ مِنْهَا، فَإِنْ رُهِنَتْ بِجِنْسِهَا فَهَلَكَتْ سَقَطَ مِثْلُهَا مِنَ الدَّيْنِ؛ لأَِنَّ الاِسْتِيفَاءَ حَصَل، وَلاَ فَائِدَةَ فِي تَضْمِينِهِ الْمِثْل؛ لأَِنَّهُ مِثْلِيٌّ، ثُمَّ يَدْفَعُهُ إِلَى صَاحِبِ الْحَقِّ قَضَاءً.
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: يَجُوزُ رَهْنُ النُّقُودِ سَوَاءٌ جُعِلَتْ فِي يَدِ عَدْلٍ أَوْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَاشْتَرَطُوا لِصِحَّةِ رَهْنِهَا أَنْ يَخْتِمَ عَلَيْهَا خَتْمًا مُحْكَمًا بِحَيْثُ مَتَى أُزِيل الْخَتْمُ عُرِفَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا ذَلِكَ حِمَايَةً لِلذَّرِيعَةِ، لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَا قَصَدَا بِهِ السَّلَفَ، وَسَمَّيَاهُ رَهْنًا، وَالسَّلَفُ مَعَ الْمُدَايَنَةِ مَمْنُوعٌ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ رَهْنًا فِيمَا إِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ أَوِ الْحَاكِمُ الْمَرْهُونَ، وَكَمَا إِذَا بَاعَ مَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُجْعَل ثَمَنُهُ رَهْنًا (١) .
(١) الاختيار لتعليل المختار ٢ / ٦٧، وحاشية ابن عابدين مع الدر المختار ٥ / ٣١٩، ٣٢٠، وجواهر الإكليل ٢ / ٧٩، والدسوقي مع الشرح الكبير ٣ / ٢٣٧، ونهاية المحتاج ٤ / ٢٣٧، والإنصاف ٥ / ١٤١، والمغني ٤ / ٣٧٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute