٨ - أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالاً فَيُسْتَوْفَى وَلاَ يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي. لأَِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ بِالْكَلاَمِ الْمُتَنَاقِضِ غَيْرَ جَائِزٍ، فَلاَ يَجُوزُ أَيْضًا نَقْضُ الْحُكْمِ بِهِ؛ وَلأَِنَّ الْكَلاَمَيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَقَدْ رَجَحَ الأَْوَّل عَلَى الثَّانِي بِاتِّصَالِهِ بِالْقَضَاءِ، وَالْمَرْجُوحُ لاَ يُعَارِضُ الرَّاجِحَ فَلاَ يَخْتَل الْحُكْمُ وَلاَ يُنْقَضُ؛ وَلأَِنَّ رُجُوعَ الشُّهُودِ عَنِ الشَّهَادَةِ إِقْرَارٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا سَبَبًا لِضَيَاعِ الْمَال وَلِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِمْ، إِلاَّ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إِقْرَارُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحًا وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ أَفْسَقَ النَّاسِ، إِلاَّ أَنَّ إِقْرَارَهُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ كَانَ أَعْدَل النَّاسِ، فَلِذَلِكَ وَإِنْ صَحَّ الرُّجُوعُ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّ الشَّاهِدِ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ فِي حَقِّ الْغَيْرِ أَيْ فِي حَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.
هَذَا قَوْل أَهْل الْفُتْيَا مِنْ عُلَمَاءِ الأَْمْصَارِ.
وَحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالأَْوْزَاعِيِّ أَنَّهُمَا قَالاَ: يُنْقَضُ الْحُكْمُ إِذَا اسْتَوْفَى الْحَقَّ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا، فَإِذَا رَجَعَا زَال مَا يَثْبُتُ بِهِ فَنُقِضَ الْحُكْمُ، كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ (١) .
ج - التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ:
٩ - إِذَا وَقَعَ التَّنَاقُضُ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الاِسْتِيفَاءِ
(١) درر الحكام ٤ / ٤٠٨، ١ / ٧١، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٣٩٦ ط بولاق، ونهاية المحتاج ٨ / ٣١٠، والمغني مع الشرح الكبير ١٢ / ١٣٧ - ١٣٨، والشرح الصغير ٤ / ٢٩٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute